أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الستون في موضوع "الوارث "

نبذة عن الفيديو

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الستون في موضوع (الوارث) وهي بعنوان : * {وَلَقَدْ كَتَبْنا في الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أنَّ الأرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ} وقال تعالى : { أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡوَ ا⁠رِثُونَ ، ٱلَّذِینَ یَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ} وقال :{وَٱلَّذِینَ هُمۡ لِأَمَـٰنَـٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَ ا⁠عُونَ (٨) وَٱلَّذِینَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَوَ ا⁠تِهِمۡ یُحَافِظُونَ (٩) أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡوَ ا⁠رِثُونَ (١٠) ٱلَّذِینَ یَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ (١١)﴾ [المؤمنون] افْتَتَحَ اللَّهُ ذِكْرَ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ بِالصَّلَاةِ، وَاخْتَتَمَهَا بِالصَّلَاةِ، فَدَلَّ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهَا، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ، وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ" ولَما وَصَفَهم [اللَّهُ] تَعَالَى بِالْقِيَامِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ وَالْأَفْعَالِ الرَّشِيدَةِ قَالَ: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ الْجَنَّةَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَعْلَى الْجَنَّةِ وَأَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ" . وَأخرج ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بسنده من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ مَنْزِلَانِ: مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ، فَإِنْ مَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ وَرثَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْزِلَهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ﴾ . وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج، عَنْ لَيْث، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ﴾ قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَلَهُ مَنْزِلَانِ: مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فيُبنَى بَيْتُهُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ، ويُهدّم بَيْتُهُ الَّذِي فِي النَّارِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فيُهْدَم بَيْتُهُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ، ويُبنى بَيْتُهُ الَّذِي فِي النَّارِ. وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر نَحْوَ ذَلِكَ. فَالْمُؤْمِنُونَ يَرْثُونَ مَنَازِلَ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّهُمْ [كُلَّهُمْ] خُلِقُوا لِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمَّا قَامَ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنُونَ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعِبَادَةِ، وترَكَ أُولَئِكَ مَا أمرُوا بِهِ مِمَّا خُلقوا لَهُ -أحرزَ هؤلاء نصيب أُولَئِكَ لَوْ كَانُوا أَطَاعُوا رَبَّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ، بَلْ أَبْلَغُ مِنْ هَذَا أَيْضًا، وَهُوَ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي بُردَةَ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِذُنُوبٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، فَيَغْفِرُهَا اللَّهُ لَهُمْ، ويضَعُها عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى" . وَفِي لَفْظٍ لَهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دَفَعَ اللَّهُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، فَيُقَالُ : هَذَا فَكَاكُكَ مِنَ النَّارِ". فَاسْتَحْلَفَ عُمر بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبَا بُردَةَ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قال: فَحَلَفَ لَهُ . قُلْتُ: وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا﴾ [مَرْيَمَ: ٦٣] ، وَكَقَوْلِهِ: ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الزُّخْرُفِ: ٧٣] . وَقَدْ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْر: الْجَنَّةُ بِالرُّومِيَّةِ هِيَ الْفِرْدَوْسُ. وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لَا يُسَمَّى الْبُسْتَانُ فِرْدَوْسًا إِلَّا إِذَا كَانَ فِيهِ عِنَبٌ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ . [ الأنترنت – موقع الباحث القرآاني - تفسير القرآن العظيم — ابن كثير ] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته