أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع "الوارث "

نبذة عن الفيديو

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع (الوارث) وهي بعنوان : *{ وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } أولًا : قال الله تعالى : {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ} الزخرف/ 73 . معنى الآية الكريمة : أن أهل الجنة، "يقال لهم، على سبيل الامتنان والتفضل : تلك الجنة التي كانت توصف لكم في الدنيا، جعلت لكم كالميراث.(بما كنتم تعلمون) أي : بسبب ما كنتم تعملون من الأعمال الصالحة ، حيث شبه ما استحقوه بسبب أعمالهم من الجنة، ونعيمها الباقي لهم - شُبِّه - بما يُخلِّفه المرء لوارثه، من الأملاك والأرزاق. وأيًّا ما كان فدخول الجنة، بسبب العمل: لا يتم إلا بفضل الله ورحمته - عَزَّ وَجَلَّ - .والمراد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ليس يدخل أحدكم الجنةَ عملُه : أن إدخال العمل الجنة لا يكون على سبيل الاستقلال والسببية التامة ، فلا تعارض. وقال ابن عباس : خلق الله لكل نفس جنة ونارًا ، فالكافر يرث نار المسلم ، والمسلم يرث جنة الكافر ، وذلك قوله: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا ... الآية "، انتهى من "التفسير الوسيط" (9/ 831). قال "ابن كثير" في "التفسير" (7/ 239): " ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ عَلَى وَجْهِ التَّفَضُّلِ وَالِامْتِنَانِ: ( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) أَيْ: أَعْمَالُكُمُ الصَّالِحَةُ كَانَتْ سَبَبًا لِشُمُولِ رَحْمَةِ اللَّهِ إِيَّاكُمْ ، فَإِنَّهُ لَا يُدْخِلُ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ،وَلَكِنْ بِفَضْلٍ من الله ورحمته وَإِنَّمَا الدَّرَجَاتُ تَفَاوُتُهَا بِحَسَبِ عَمَلِ الصَّالِحَاتِ وأورد في تفسير الآية " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كُلُّ أَهْلِ النَّارِ يَرَى مَنْزِلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ حَسْرَةً، فَيَقُولُ : لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [الزُّمَرِ: 57] وَكُلُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَرَى مَنْزِلَهُ مِنَ النَّارِ فَيَقُولُ : ( وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ) [الْأَعْرَافِ: 43] ، لِيَكُونَ لَهُ شُكْرًا . قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( ما من أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ ، فَالْكَافِرُ يَرِثُ المؤمنَ منزلَه مِنَ النَّارِ ، وَالْمُؤْمِنُ يَرِثُ الكافرَ مَنْزِلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ"، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )" انتهى . وقال الشيخ عمر سليمان الأشقر، رحمه الله:"أهل الجنة يرثون نصيب أهل النار في الجنة: جعل الله لكل واحد من بني آدم منزلين: منزلاً في الجنة، ومنزلاً في النار، ثم إن من كتب له الشقاوة من أهل الكفر والشرك يرثون منازل أهل الجنة التي كانت لهم في النار، والذين كتب لهم السعادة من أهل الجنة يرثون منازل أهل النار التي كانت لهم في الجنة، قال تعالى في حق المؤمنين المفلحين بعد أن ذكر أعمالهم التي تدخلهم الجنة: (أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خلدون) [المؤمنون: 10-11] . قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: " قال ابن أبي حاتم - وساق الإسناد إلى أبي هريرة رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما منكم من أحد إلا وله منزلان: منزل في الجنة، ومنزل في النار، فأما المؤمن فيبني بيته الذي في الجنة، ويهدم بيته الذي في النار ". وروى عن سعيد بن جبير نحو ذلك، فالمؤمنون يرثون منازل الكفار، لأنهم خلقوا لعبادة الله وحده لا شريك له، فلما قام هؤلاء بما وجب عليهم من العبادة، وترك أولئك ما أمروا به مما خلقوا له، أحرز هؤلاء نصيب أولئك لو كانوا أطاعوا ربهم عز وجل، بل أبلغ من هذا أيضاً، وهو ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " يجيء ناس يوم القيامة من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى". وفي لفظ له: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا كان يوم القيامة دفع الله لكل مسلم يهودياً أو نصرانياً، فيقال: هذا فكاكك من النار". وهذا الحديث كقوله تعلى: (تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا) [مريم: 63] ، وقوله: (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) [الزخرف: 72] . فهم يرثون نصيب الكفار في الجنان." انتهى من "الجنة والنار" (192-193). إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته