أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السادسة والخمسون في موضوع "البارئ "
نبذة عن الفيديو
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والخمسون في موضوع (الباريء) وهي بعنوان : *ۖ{ تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ ۖ مَا كَانُوٓاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} قال السعدى : { تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ } من عبادتهم، أي: نحن برآء منهم ومن عملهم. { مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } وإنما كانوا يعبدون الشياطين. وقال صاحب الكشاف ما ملخصه : قوله : ( هؤلاء ) مبتدأ ، و ( الذين أَغْوَيْنَآ ) صفته ، والراجع إلى الموصول محذوف و ( أَغْوَيْنَاهُمْ ) الخبر . والكاف صفة لمصدر محذوف تقديره : أغويناهم فغووا غيا مثل ما غوينا ، يعنون أنا لم نغو إلا باختيارنا ، لا أن فوقنا مغوين أغوونا بقسر منهم وإلجاء . أودعونا إلى الغى وسولوه لنا ، فهؤلاء كذلك غووا باختيارهم ، لأن إغواءنا لهم ، لم يكن إلا وسوسة وتسويلا . لا قسرا أو إلجاء " فلا فرق إذا بين غينا وغيهم وقوله - سبحانه - ( تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كانوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ) من كلام الرؤساء والشياطين ، فهو مقرر لما قبله ، ومؤكد له . أى : تبرأنا إليك منهم ، ومن ادعائهم أننا أجبرناهم على الضلالة والغواية ، والحق أنهم ما كانوا يعبدوننا ، بل كانوا يعبدون ما سولته لهم أهواؤهم وشهواتهم الباطلة .أهـ فالآية الكريمة تحكى تبرؤ رءوس الكفر من أتباعهم يوم القيامة ، ومن الآيات التى وردت فى هذا المعنى قوله - تعالى - : ( وَقَالَ الشيطان لَمَّا قُضِيَ الأمر إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي فَلاَ تَلُومُونِي ولوموا أَنفُسَكُمْ . . ) وقوله - سبحانه - : ( واتخذوا مِن دُونِ الله آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً ) . وقال ابن كثير : وقوله : ( قال الذين حق عليهم القول ) يعني : من الشياطين والمردة والدعاة إلى الكفر ، ( ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون ) ، فشهدوا عليهم أنهم أغووهم فاتبعوهم ، ثم تبرءوا من عبادتهم ، كما قال تعالى : ( واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا . كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ) [ مريم : 81 ، 82 ] ، وقال الله : ( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ) [ البقرة : 166 ، 167 ] وقالل القرطبى : قال الذين حق عليهم القول أي حقت عليهم كلمة العذاب وهم الرؤساء ; قاله الكلبي وقال قتادة : هم الشياطين . ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا أي دعوناهم إلى الغي فقيل لهم : أغويتموهم ؟ قالوا : أغويناهم كما غوينا يعنون أضللناهم كما كنا ضالين . تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون أي تبرأ بعضنا من بعض ، والشياطين يتبرءون ممن أطاعهم ، والرؤساء يتبرءون ممن قبل منهم ; كما قال تعالى : الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين . وجملة { تبرأنا إليك } استئناف . والتبرؤ : تفعل من البراءة وهي انتفاء ما يصم ، فالتبرؤ : معالجة إثبات البراءة وتحقيقها . وهو يتعدى إلى من يحاول إثبات البراءة لأجله بحرف ( إلى ) الدال على الانتهاء المجازي؛ يقال : إني أبرأ إلى الله من كذا ، أي أوجه براءتي إلى الله ، كما يتعدى إلى الشيء الذي يَصِم بحرف ( من ) الاتصالية التي هي للابتداء المجازي قال تعالى { فبراه الله مما قالوا } [ الأحزاب : 69 ] . وقد تدخل ( من ) على اسم ذات باعتبار مضاف مقدر نحو قوله تعالى { وقال إني بريء منكم } [ الأنفال : 48 ] أي من كفركم . والتقدير : من أعمالكم وشؤونكم إما من أعمال خاصة يدل عليها المقام أو من عدة أعمال . فالمعنى هنا تحقق التبرؤ لديك والمتبرأ منه هو مضمون جملة { ما كانوا إيانا يعبدون } فهي بيان لإجمال التبرؤ . والمقصود : أنهم يتبرؤون من أن يكونوا هم المزعوم أنهم شركاء وإنما قصارى أمرهم أنهم مضلون وكان هذا المقصد إلجاء من الله إياهم ليعلنوا تنصلهم من ادعاء أنهم شركاء على رؤوس الملأ ، أو حملهم على ذلك ما يشاهدون من فظاعة عذاب كل من ادعى المشركون له الإلهية باطلاً لما سمعوا قوله تعالى { إنكم وما تعبدون عن دون الله حصب جهنم } [ الأنبياء : 98 ] . [الأنترنت – موقع الآيات : قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ رَبَّنَا هَٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَٰهُمْ كَمَا غَوَيْنَا ۖ تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ ۖ مَا كَانُوٓاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ] إلى هنا ونكمل في الحلقة التالية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته