أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الخامسة والأربعون في موضوع "البارئ "
نبذة عن الفيديو
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والأربعون في موضوع (الباريء) وهي بعنوان : *خطبة جمعة بعنوان : (اسم الله البارئ ) أيها المسلمون: ومن الأمور التي يحسن بالعبد الموفق في تعبده لربه البارئ أن يلتفت إليها: أن يعمل العبد على تزكية نفسه، وتنزيهها وتبرئتها من العيوب ما أمكن، وهي قضية أساسية في حياة المؤمن، وقد كانت هي مهمة النبي -صلى الله عليه وسلم- الأولى قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) [الجمعة: 2]، وضمن الله الفلاح لمن قام على تزكية نفسه، فقال: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) [الشمس: 9، 10]، قال السعدي: “أي: طهّر نفسه من الذنوب، ونقّاها من العيوب، ورقاها بطاعة الله، وعلاها بالعلم النافع والعمل الصالح“. كما يحرص العبد الموفق على التماس العذر للآخرين، وإقالة عثرتهم، ومغفرة زلتهم، حتى يكون معذورًا عند الله -سبحانه- وتعالى، فيجازيه ويعامله بما عامل به غيرَه، والجزاء من جنس العمل. وعلى المسلم أن يذل للبارئ، وينكسر بين يديه، ويعرف حقيقة نفسه، وأصل خِلقته، فلا يتكبر على الناس، ولا يُعجب بنفسه ويغتر بما وهبه الله، وقد خاطب مطرف بن عبد الله بن الشخير -رحمه الله- المهلبَ بنَ أبي صفرة -الوالي- عندما رآه يتبختر مرتديًا الحرير، فقال له: يا عبد الله، ما هذه المشية التي يبغضها الله تعالى؟ فقال له : أتعرفني؟ -وسبحان الله! فهذه كلمة كل معجب بنفسه، متكبر على غيره، يقول له: هل تعرف مع من تتحدث؟!!- فقال له المهلب: أتعرفني؟ قال: “نعم إن أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين هذا وذاك تحمل العَذِرَة” [الزواجر عن اقتراف الكبائر 1/180]. وإذا علم العبد منا نفسه، وأصل خلقته، تواضع للبارئ -سبحانه-، ونسب الفضل كله إليه، قال البارئ تقدست أسماؤه: (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ) [المرسلات: 20]، وقال جل ثناؤه: (قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ) [عبس: 17 – 19]، فالبارئ -سبحانه- خلق من أضعف الأشياء وأقلها أجمل الصور وأعظمها، فلا يغتر إنسان بالظاهر وينسى الأصل، بل عليه أن يعرف أن الذي جمَّله وصوَّره وأبدعه هو بارئ البرايا البارئ، -سبحانه- وتعالى و-عز وجل-. وعلى المسلم الصادق أن يبرأ إلى الله -عز وجل- من كل شرع لم يرضَ الله عنه، ومن تحكيم غيره، ويبرأ في خاصة نفسه من كل شهوة تخالف أمر ربه، أو شبهة تخالف ما ثبت عن الله ورسوله، ويبرأ من كل بدعة في الدين تخالف هدي النبي عليه الصلاة والسلام، ومن كل معصيةٍ تبعده عن محبة الله له ورسوله. إلى هنا ونكمل في الحلقة التالية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته