أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع "البارئ "
نبذة عن الفيديو
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع (الباريء) وهي بعنوان : *خطبة جمعة بعنوان : (اسم الله البارئ ) فالخالق قد يخلق الشيء مناسبًا أو غير مناسب، أما البارئ فلا يخلق الشيء إلا مناسبًا للغاية التي أرادها من خلقه، ويؤخذ ذلك من قوله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) [التين: 4، 5]، فلو كان فعل الخلق يشير إلى درجة الخلق من الحسن أو القبح لما أضاف المولى -عز وجل- عبارة في أحسن تقويم، ولو كان اسم الله -عز وجل- البارئ مرادفًا مرادفة تامة لاسمه الخالق لما قال -تبارك وتعالى-: (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الحشر: 24]، ففرّق بينهما -سبحانه- وقد وردا في سياق واحد. وإذا تأملنا –عباد الله- الكون المحيط بنا سنلاحظ أن الله -عز وجل- قد خلق كل شيء صالحًا لمهمته، مناسبًا للغاية من خلقه، ومتوائمًا مع المحيط الذي وُضع فيه. فالإنسان خُلق ليكون خليفة الله -عز وجل- على الأرض، وليكون عارفًا بالله، عابدًا له، متأملاً في ملكوته؛ لذلك برأه في خِلْقَة تناسب جلال الغاية، فبرأه في أحس تقويم. أي أحسن خِلْقة، فجعله أحسن المخلوقات من حيث التركيب، ومن حيث الشكل، مألوفًا من سائر الكائنات الحية، ومكَّنه مما يساعده على الحياة. واعلموا –رحمني الله وإياكم- أن البارئ -سبحانه- هو الموجد المبدع، برأ الخلق وميَّز بعضهم عن بعض، فهذا أبيض وهذا أسود، هذا عربي وهذا أعجمي.. طويل وقصير، وهكذا، وهو الذي خلق الخلق بريئًا من التفاوت، قال -سبحانه-: (مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ) [الملك: 3]، أي: خلقهم خلقًا مستويًا ليس فيه اختلاف ولا تنافر، ولا نقص ولا عيب ولا خلل، فهم أبرياء من ذلك كله. فسبحان مَن لا تسعد النفوس إلا بمعرفته، ولا تطمئن القلوب إلا بذكره، ولا تسكن الأرواح إلا إليه، ولا يُحَب لذاته سواه، فأحبوا البارئ -سبحانه-، خلقكم فأحسن صوركم وبرأكم في أجمل الأشكال، واعبدوه واشكروا له، وسبحوا بحمده. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا جميعًا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأستغفر الله العظيم وأتوب إلى البارئ الكريم؛ فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم. واعلموا -عباد الله- أنه ينبغي للعبد أن يدعو الله بأسمائه الحسنى، ويثني على ربه بجميل الصفات وكمال النعوت، فيدعو ربه باسمه تعالى “البارئ”، ويتعبد لربه ويتخلق باسم الله البارئ، ويراعي ربه في سلوكه، فيبرأ إلى الله من كل شهوة تخالف أمره، ومن كل شبهة تخالف خبره، ومن كل ولاء لغير دينه وشرعه، ومن كل بدعة تخالف سنة نبيه، ومن كل معصية تؤثر على محبة الله وقربه، ورضاه -سبحانه- عن عبده. كما يجب على العبد أن يتقي الله -عز وجل- في عمله، فيخلص فيه، ويتقنه ما استطاع؛ ليظهر جمال الصنعة؛ توحيدًا لمن برأ وخلق -سبحانه-، وعلّمه ما لم يكن يعلم، ومنحه قوة على التفكير والإبداع. إلى هنا ونكمل في الحلقة التالية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته