أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع "البارئ "
نبذة عن الفيديو
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع (الباريء) وهي بعنوان : *خطبة جمعة بعنوان : (اسم الله البارئ ) أيها المسلمون: والبارئ لغةً يدل على الخلق والإيجاد على غير مثال سابق، وخلوص الشيء من غيره. والبارئ -سبحانه- هو المنفرد بخلق جميع المخلوقات، المبدع للأشياء على غير مثال سابق، برأ بحكمته جميع البريات، وصوّر بإحكامه وحسن خَلْقه جميع الكائنات، فخَلَقها وأبدعها، وفطرها في الوقت المناسب لها، فأبرزها للوجود من العدم، وقدّر خلقها وأحسن تقديرها على غير مثال سابق، وصنعها أتقن صنع، وهداها لمصالحها، وأعطى كل شيء خلقه اللائق به، ثم هدى كل مخلوق لما هُيِّئَ وخُلِق له. والمبرز لها من العدم إلى الوجود، وفصل كل جنس عن الآخر، وصوّر كل مخلوق بما يناسب الغاية من خلقه. والبارئ -سبحانه- هو الذي خلق الخلق بريئًا من التفاوت والتناقض، سليمًا من التباين والاعوجاج، فخلقه -سبحانه- كله مستوٍ مستقيم، محكَم متقَن، دالّ على كمال قدرة خالقه وعظمته، قال تعالى: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ) [الملك: 3]. فهو الذي يبرئ جوهر المخلوقات من الآفات، وهو مُوجِد الأشياء بريئة من التفاوت وعدم التناسق، وهو مُعطي كل مخلوق صفته التي علّمها له في الأزل، وبعض العلماء يقول: إن اسم البارئ يُدْعَى به للسلامة من الآفات، وأن مَن أكثرَ مِن ذِكْره نالَ السلامةَ من المكروه. واعلموا -عباد الله- أن أسماء ربنا -سبحانه- الثلاثة (الخالق والبارئ والمصور) أسماء متلازمة متآلفة في غايتها، تجمع بينها العلاقة المترابطة في عملية الخلق؛ خلقًا وبرءًا وتصويرًا؛ فالله -عز وجل- هو الذي أعطى كل شيء صورته، ليس معنى الصورة الشكل الخارجي بل القَوام الكامل. فإذا كان اسم الله الخالق يعني: هو الموجد الذي يَدين له كلُّ ما في الكون بالوجود، وهو خالق جميع المخلوقات والناس جميعًا من ذريَّة آدم عليه السلام الَّذي نفخ فيه من روحه، فكان من نسله كلُّ الناس الَّذين تفرَّقوا في الأرض أجناسًا، وتشعَّبوا عروقًا وألوانًا. فإن اسم البارئ هو اسم مرتبط باسم الخالق؛ لأن الخلق والبرء صفتان متصلتان والفارق بينهما يسير ودقيق. فإذا كان الخَلق هو التصميم والتقدير، فإن البرء هو التنفيذ والإخراج. وإذا قلنا: إن الله -عز وجل- خلق الإنسان، فمعنى ذلك أنه استحدثه وأوجده من العدم المطلق، وإذا قلنا: برأ الله الإنسان، فمعنى ذلك أنه استحدثه وأوجده من العدم المطلق في خِلْقَة تناسب المهمة والغاية التي خُلق من أجلها. إلى هنا ونكمل في الحلقة التالية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته