أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية والأربعون في موضوع "البارئ "
نبذة عن الفيديو
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والأربعون في موضوع (الباريء) وهي بعنوان : *خطبة جمعة بعنوان : (اسم الله البارئ ) وسبحان البارئ الملك الذي له الملك كله، فلا يخرج مخلوق عن ملكه، وله الحمد كله: حمد على ما له من صفات الكمال والجلال والجمال، وحمد على ما أوجده من الأشياء، وأحسن خلْقَها، وحمد على ما شرعه من الأحكام، وأسداه من النعم العظام. وتبارك الخالق البارئ المصور، الذي خلق السموات والأرض وما فيهما، فأحسن خلقهما، وخلق الإنسان في أحسن صورة، وأكمل هيئة، وأحسن تقويم، جل ربنا وتعالى. أيها المسلمون: لقد أثنى الله -تبارك وتعالى- على ذاته العلية، فوصف نفسه بأنه البارئ، قال تعالى: (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [الحشر: 24]. قال الطاهر ابن عاشور: “الْخَالِقُ عَامٌّ، وَالْبَارِئُ أَخَصُّ مِنْهُ، وَالْمُصَوِّرُ أَخَصُّ مِنَ الْأَخَصِّ“. [التحرير والتنوير (28 / 124)]. وتفرد ربنا البارئ -سبحانه- بتنفيذ وإبراز ما قدّره وقرَّره إلى الوجود، وليس كل من قدَّر شيئًا ورتّبه يقدر على تنفيذه وإيجاده سوى الله عز وجل، فالله -سبحانه- له قدرة تُمضِي وتنفّذ، وغيره يقدّر أشياء وهو عاجز عن إنفاذها وإمضائها، فسبحان البارئ الذي برأ الخلق فأوجدهم، وخلقهم بقدرته، وفضّل بعض الخلق على بعض، وأبدع الماء والتراب، والهواء والنار لا من شيء، ثم خلق الإنسان من تراب، وجعل من الماء كل شيء حي. قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة: 54]، ينادي كليم الله موسى قومه أن يتوبوا إلى الذي خلقهم من العدم، وأعطاهم من النعم وأسبغ عليهم نعمه ومننه وأفضاله، توبوا إليه وعودوا إليه، فسبحان الخالق البارئ: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) [السجدة: 7]. وقد أثنى نبينا -صلى الله عليه وسلم- على ربه -تبارك وتعالى-، وأحسن عليه الثناء، ووصفه بأنه الذي برأ كل الموجودات، وخلقهم، وملكهم، فعن أَبي التَّيَّاحِ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَنْبَشٍ التيمي -رضي الله عنه-: كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ؟ قَالَ: جَاءَتْ الشَّيَاطِينُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الْأَوْدِيَةِ، وَتَحَدَّرَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْجِبَالِ، وَفِيهِمْ شَيْطَانٌ مَعَهُ شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ؛ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: فَرُعِبَ، -قَالَ جَعْفَرٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ: جَعَلَ يَتَأَخَّرُ- قَالَ: وَجَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَالَ: “يَا مُحَمَّدُ قُلْ، قَالَ: مَا أَقُولُ؟ قَالَ: قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، وَذَرَأَ وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ، فَطَفِئَتْ نَارُ الشَّيَاطِينِ، وَهَزَمَهُمُ اللَّهُ -تبارك وتعالى-” [أخرجه أحمد (15461)، وحسّنه الألباني في صحيح الترغيب (1602)]. قال الملا علي القاري: قوله: (وَذَرَأَ) بِالْهَمْزِ أَيْ بَثَّ وَنَشَرَ، (وَبَرَأَ) أَيْ أوجد مُبَرَّأً عَنِ التَّفَاوُتِ، فَخَلَقَ كُلَّ عُضْوٍ عَلَى مَا يَنْبَغِي، قَالَ تَعَالَى: (مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ)[الملك: 3] [مرقاة المفاتيح 5/ 1718]. إلى هنا ونكمل في الحلقة التالية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته