أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية والثلاثون في موضوع "البارئ "
نبذة عن الفيديو
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والثلاثون في موضوع (الباريء) وهي بعنوان : *الفرق بين البديع ـ البارئ ـ الخالق ـ المصوِّر ـ الفاطر يقول الشيخ الطاهر بن عاشور: "البديع مشتقٌّ من الإبداع، وهو الإنشاء على غير مثال؛ فهو عبارة عن إنشاء المنشآت على غير مثالٍ سابق، وذلك هو خلق أصول الأنواع وما يتولَّد من متولِّداتها، فخلق السماوات إبداع، وخلق الأرض إبداع، وخلق آدم إبداع، وخلق نظام التناسل إبداع". والبِدْعُ بمعنى البديع، كالخِلِّ بمعنى الخليل، ومعنى قوله عز وجل: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}: ما كنتُ محدِثًا شيئًا لم يسبقونى إليه. • ولكن استعمال "البِدْع" لم يرد فى وصف الله عز وجل ، فهو مقصور على المعنى المذكور، أى إحداث شىء غير مسبوق. وأمَّا البديع فهو من أسماء الله الحسنى، أى: ذو الخلق المبتدع الذى لم يسبق له نظير. • البارئ : وردت كلمة "البارئ" فى القرآن الكريم ثلاث مرات: - {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ} البقرة/ 54. - {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} الحشر/24. وورد الفعل "يبرأ" بمعنى الخلق مرة واحدة فى القرآن الكريم:- {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} الحديد/22. جاءت آية البقرة فى سياق خطاب موسى عليه السلام لقومه لَمَّا اتخذوا العجل وعبدوه؛ لذلك جاءت كلمة "بارئكم"، أى: توبوا إلى منشئكم ومُوجِدكم من العدم؛ إذْ مُوجِدُ أعيان الأشياء هو الموجِد حقيقةً، وأمَّا عَمَلُ العجل واتخاذُه فليس فيه إبراز الذَّوَاتِ من العدم، فنبَّه بلفظ "البارئ" على الصانع المُوجِد ، واختصَّ هذا الموضع بذكر "البارئ" لأن معنى البارئ: الذى خَلَق الخَلْقَ بريئًا من التفاوت ومتميِّزًا بعضُه من بعض بالأشكال المختلفة والصور المتباينة؛ فكان فيه تقريع بما كان منهم من ترك عبادة العالم الحكيم الذى "بَرَأَهم" بلطف حكمته على الأشكال المختلفة،أبرياء من التفاوت والتنافر، إلى عبادة البقر التى هى مَثَلٌ فى الغباوة والبلادة. • ويختص لفظ البارئ بوصف الله سبحانه وتعالى، فهو أَخَصُّ من الخالق؛ إذ البَرْءُ خَلْقٌ بترتيبٍ مُسْتَوٍ ، وفيه معنى تمييز المخلوقات بعضها من بعض بأشكال مختلفة ، كما أنه لا بُدَّ فى معنى "بَرَأ" من حدوث المخلوق، فهو خلق حادث لا مُقدَّر، ويدل على هذا قول الله عز وجل: - {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} الحديد/22. أى: نُحْدِثها ونُوجِدها؛ لأن تقدير المقادير سَبَقَ الإيجاد والإحداث. إلى هنا ونكمل في الحلقة التالية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته