أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة التاسعة والخمسون بعد المائة في موضوع "الرقيب "

نبذة عن الفيديو

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والخمسون بعد المائة في موضوع (الرقيب) وهي بعنوان : *الرقابةُ صلاحُ الفردِ والمجتمعِ : وهذا مصداقُ قول الله تعالى: {وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ} [الرحمن: 46]. إنّ النفسَ أمارةٌ بالسوء والخطيئة، وداعيةٌ للهوى والرذيلة، وإنْ تُركَتْ مِن غير تربيةٍ جَرَتْ بصاحبها للهاوية، وأوصَلَتِ الفردَ والمجتمعَ إلى التهلكة، كما قال الله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 9-12]. ولذا نصح الشاعر في معالجة النفس فقال: والنفسُ كالطفل إنْ تُهْمِلْهُ شَبَّ =على حبِّ الرضاع وإنْ تَفطمْهُ ينفطِم فاصرِفْ هواها وحاذِرْ أنْ توليه =إنّ الهوى ما تولى يصمي أو يَصِم لذا فإنّ كباحَ النفسِ عن شهواتها، ولجامَ النفسِ عن زلاتها يكون بمراقبة الله تعالى في السر والعلن، وفي السفر والحضر، لهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل الله خشيته في الغيب والشهادة؛ فالمراقبةُ لله هي العاصمةُ من المعصية، وهي الواقيةُ من الوقيعة. مراقبةُ الله ليست فقط مانعةً من السيئات، بل هي دافعة ٌإلى الخيرات، نعم دافعةٌ لكلِّ خيرٍ وطاعةٍ، مراقبةُ الله تعالى هي التي تحرِّكُ العبدَ في ظلمة الليل ليقِفَ بين يدي الجليل ويبكي ويركَعَ ويسجُدَ، كما قال الله في وصف عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان: 64-65]. إنّ مراقبةَ الله تعالى تدفَعُ العبدَ ليُقدِّمَ صدقاته سراً فلا يراه أحدٌ إلا الواحدُ الأحدُ، كما قال رسول الأنام عليه الصلاة والسلام: (ورجلٌ تصدَّقَ بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تَعلَمَ شِمالُهُ ما تُنفِقُ يمينُهُ). [ 3 ] إنّ مراقبةَ اللهِ هي التي تدفَعُ العبدَ ليقدِّمَ أنفسَ ما يملِكُ، يقدِّمَ روحَهُ وأنفاسَهُ رخيصةً في سبيل الله، ولإعلاء كلمة الله تعالى لا يرجو إلا الله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218]. القارئونَ كِتَابَ اللهِ فِي رَهِبٍ =والواردونَ حِيَاضَ المَوْتِ فِي رَغبٍ جمالُ الأرضِ كانوا في الحياة وهم= بعد الممات جمالُ الكتب والسير وفي عموم الطاعات لله وعمومِ الخيرات لعباد الله تَذَكَّرْ أنك تحتَ رقابةِ الله وضمنَ معيةِ الله، قال الله مشجعاً لك على فعل الخيرات والصالحات: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} [الطور: 48]. إنْ كان لمراقبة الله كلُّ هذه الآثارِ والثمارِ فهي كالشجرة الطيبة أصلُها ثابتٌ وفرعُها في السماء تؤتي أُكُلَها كلَّ حينٍ بإذن ربِّها. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته