أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثامنة والثلاثون بعد المائة في موضوع "الرقيب "
نبذة عن الفيديو
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون بعد المائة في موضوع (الرقيب) وهي بعنوان : *شرح باب المراقبة من كتاب رياض الصالحين الآية الرابعة التي ذكرها المؤلف رحمه الله تعالى في باب المراقبة: قوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 14]، وهذه الآية ختم الله بها ما ذكره من عقوبة عاد ﴿ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 7- 14]؛ فبيَّن عز وجل أنه بالمرصاد لكل طاغية، وأن كل طاغية فإن الله تعالى يقصم ظهره ويبيده ولا يبقي له باقية. فعادٌ إرم ذات العماد، ذات البيوت العظيمة المبنية على العُمُد القوية، أعطاهم الله قوة شديدة فاستكبروا في الأرض وقالوا: من أشد منا قوة؟! فقال الله عز وجل: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّة ﴾ [فصلت: 15]؛ فبيَّن الله عز وجل أنه هو أشد منهم قوة، واستدل لذلك بدليل عقلي، وهو أن الله هو الذي خلقهم؛ ولهذا قال: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ ﴾ [فصلت: 15]؛ ولم يقل: (أو لم يروا أن الله هو أشد منهم قوة)؛ قال ﴿ الَّذِي خَلَقَهُمْ ﴾؛ لأنه من المعلوم بالعقل علمًا ضروريًّا أن الخالق أقوى من المخلوق، فالذي خلقهم هو أشد منهم قوة؛ و﴿ كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ [فصلت: 15]؛ فأصابهم الله سبحانه وتعالى بالقحط الشديد، وأمسكت السماء ماءها، فجعلوا يستقون؛ أي: ينتظرون أن الله يغيثهم، فأرسل الله عليهم الريح العقيم؛ في صباح يوم من الأيام أقبلت ريح عظيمة تحمل من الرمال والأتربة ما صار كأنه سحاب مركوم؛ ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ﴾ [الأحقاف: 24]، حكمة من الله عز وجل، لم تأتهم الريح هكذا، وإنما جاءتهم وهم يؤملون أنها غيث ليكون وقعها أشد، شيء أقبل فظنوه ريحًا تسقيهم فإذا هو ريح تدمرهم، فكون العذاب يأتي في حال يتأمل فيها الإنسان كشف الضرر يكون أعظم وأعظم. مثل ما لو مَنَّيْت شخصًا بدراهم ثم سحبتها منه، صار أشد وأعظم؛ ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ﴾ [الاحقاف: 24]؛ لأنهم كانون يتحدون نبيهم؛ يقولون: إن كان عندك عذاب فأت به إن كنت صادقًا، فجاءتهم ﴿ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ ﴾؛ والعياذ بالله هاجت عليهم سبع ليال وثمانية أيام؛ لأنها بدأت من الصباح وانتهت بالغروب، فصارت سبع ليال وثمانية أيام حسومًا متتابعة قاطعة لدابرهم تحسمهم حسمًا، حتى إنها تحمل الواحد منهم إلى عنان السماء، ثم ترمي به، فصاروا كأنهم أعجاز نخل خاوية؛ أي: مثل أصول النخل الخاوية ملتوين على ظهورهم والعياذ بالله كهيئة السجود؛ لأنهم يريدون أن يتخلصوا من هذه الريح بعد أن تحملهم وتضرب بهم الأرض، ولكن لم ينفعهم هذا؛ إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته