أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السابعة والثلاثون بعد المائة في موضوع "الرقيب "
نبذة عن الفيديو
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والثلاثون بعد المائة في موضوع (الرقيب) وهي بعنوان : *شرح باب المراقبة من كتاب رياض الصالحين وكما في قوله سبحانه لموسى وهارون، لما أمر الله موسى وأرسله إلى فرعون هو وهارون: ﴿ قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾ [طه 45، 46]. الله أكبر: ﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾؛ إذا كان الله معهما هل يمكن أن يضرهما فرعون وجنوده؟ لا يمكن، فهذه معية خاصة مقيدة بالعين: ﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾. المهم أنه يجب علينا أن نؤمن بأن الله سبحانه وتعالى مع الخلق، لكنه فوق عرشه ولا يساميه أحد في صفاته، ولا يدانيه أحد في صفاته، ولا يمكن أن تورد على ذهنك أو على غيرك كيف يكون الله معنا وهو في السماء؟ نقول: الله عز وجل لا يقاس بخلقه، مع أن العلو والمعية لا منافاة بينهما حتى في المخلوق؛ فلو سألنا سائل: أين موضع القمر؟ لقلنا: في السماء، كما قال الله: ﴿ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا ﴾ [نوح: 16]، وإذا قال: أين موضع النجوم؟ قلنا في السماء، واللغة العربية يقول المتكلمون فيها: ما زلنا نسير والقمر معنا، وما زلنا نسير والنجم معنا! مع ان القمر في السماء والنجم في السماء، لكن هو معنا؛ لأنه ما غاب عنا؛ فالله تعالى وهو على عرشه سبحانه فوق جميع الخلق. وتقتضي هذه الآية بالنسبة للأمر المسلكي المنهجي بأنك إذا آمنت بأن الله معك، فإنك تتقيه وتراقبه؛ لأنه لا يخفى عليه عز وجل حالك مهما كنت، لو كنت في بيت مظلم ليس فيه أحد ولا حولك أحد فإن الله تعالى معك، لكن ليس في نفس المكان، وإنما محيط بك عز وجل لا يخفى عليه شيء من أمرك؛ فتراقب الله، وتخاف الله، وتقوم بطاعته، وتترك مناهيه. والله الموفق؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ ﴾. الآية الثالثة التي ساقها المؤلف رحمه الله تعالى في باب المراقبة: قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [آل عمران: 5]؛ ﴿ شَيْءٌ ﴾؛ نكرة في سياق النفي في قوله: ﴿ لَا يَخْفَى ﴾؛ فتعم كل شيء، فكل شيء لا يخفى على الله في الأرض ولا في السماء، وقد فصل الله هذا في قوله تبارك وتعالى: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59]. قال العلماء: إذا كانت الأوراق الساقطة يعلمها؛ فكيف بالأوراق النامية التي ينبتها ويخلقها؛ فهو بها أعلم عز وجل. أما قوله: ﴿ وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ ﴾؛ ﴿ حَبَّةٍ ﴾؛ نكرة في سياق النفي المؤكد بمن؛ إذًا يشمل كل ورقة صغيرة كانت أو كبيرة. ولنفرض أن حبة صغيرة منغمسة في طين البحر، فهي في خمس ظلمات: الظلمة الأولى: ظلمة الطين المنغمسة فيه. الثانية: ظلمة الماء في البحر. الثالثة: ظلمة الليل. الرابعة: ظلمة السحاب المتراكم. الخامسة: ظلمة المطر النازل. خمس ظلمات فوق هذه الحبة الصغيرة؛ والله عز وجل يعلمها. وقوله: ﴿ وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾؛ مكتوب، مبيَّن، بيِّن، ظاهر، معلوم عند رب العالمين عز وجل. إذًا من كان هذا سعة علمه فعلى المؤمن أن يراقب الله سبحانه وتعالى، وأن يخشاه في السر كما يخشاه في العلانية؛ لأن خشية الله في السر أقوى في الإخلاص؛ لأنه ليس عندك أحد؛ لأن خشية الله في العلانية ربما يقع في قلبك الرياء ومراءاة الناس. فاحرص - يا أخي المسلم - على مراقبة الله عز وجل، وأن تقوم بطاعته امتثالًا لأمره، واجتنابًا لنهيه، ونسأل الله العون على ذلك؛ لأن الله إذا لم يُعِنَّا، فإننا مخذولون؛ كما قال تعالى: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]؛ فإذا وفق العبد للهداية والاستعانة في إطار الشريعة فهذا هو الذي أنعم الله عليه؛ ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 5، 6]، لابد أن تكون العبادة في نفس هذا الصراط المستقيم، وإلا كانت ضررًا على العبد. فهذه ثلاثة أمور هي منهج الذين أنعم الله عليهم؛ ولهذا قال ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته