أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السادسة والثلاثون بعد المائة في موضوع "الرقيب "

نبذة عن الفيديو

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والثلاثون بعد المائة في موضوع (الرقيب) وهي بعنوان : *شرح باب المراقبة من كتاب رياض الصالحين والكرسي محيط بالسماوات والأرض كلها، والكرسي هو موضع قدمي الرحمن عز وجل، والعرش أعظم وأعظم وأعظم، كما جاء في الحديث: «إِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِيينَ السَّبْعَ بِالنِّسْبَةِ لِلْكُرْسِيِّ كَحَلَقِةٍ أُلْقِيَتْ فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ». حلقة كحلقة المغفر صغيرة في فلاة من الأرض؛ أي: مكان متسع، نسبة هذه الحلقة إلى الأرض ليست بشيء. قال: «وَإِنَّ فَضْلَ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى هَذِهِ الْحَلْقَةِ»[2]، فما بالك بالخالق جل وعلا! الخالق سبحانه وتعالى لا يمكن أن يكون في الأرض؛ لأنه سبحانه وتعالى أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته، ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم ﴾ [الحديد: 4]. واعلم أن المعية التي أضافها الله إلى نفسه تنقسم بحسب السياق والقرائن؛ فتارة يكون مقتضاها الإحاطة بالخلق علمًا وقدرة وسلطانًا وتدبيرًا وغير ذلك، مثل هذه الآية: ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم ﴾، ومثل قوله تعالى: ﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ ﴾ [المجادلة: 7]. وتارة يكون المراد بها التهديد والإنذار، كما في قوله تعالى: ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴾ [النساء: 108]؛ فإن هذا تهديد وإنذار لهم أن يبينوا ما لا يرضي من القول يكتمونه عن الناس، يظنون أن الله لا يعلم، والله سبحانه عليم بكل شيء. وتارة يراد بها النصر والتأييد والتثبيت وما أشبه ذلك؛ مثل قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]، وكما في قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 35]، والآيات في هذا كثيرة. وهذا القسم الثالث من أقسام المعية تارة يضاف إلى المخلوق بالوصف، وتارة يضاف إلى المخلوق بالعين. فقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]، هذا مضاف إلى المخلوق بالوصف، فأيُّ إنسان يكون كذلك فالله معه. وتارة يكون مضافًا إلى المخلوق بعين الشخص؛ مثل قوله تعالى: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]؛ فهذا مضاف إلى الشخص بعينه، وهي للرسول عليه الصلاة والسلام وأبي بكر رضي الله عنه وهما في الغار؛ لَمَّا قال أبو بكر للرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا؛ لأن قريشًا كانت تطلب الرسول صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه بكل جد! ما من جبل إلا صعدت عليه قريش، وما من واد إلا هبطت فيه، وما من فلاة إلا بحثت، وجعلت لمن يأتي بالرسول عليه الصلاة والسلام وأبي بكر مائتي بعير، مائة للرسول، ومائة لأبي بكر، وتعب الناس وهم يطلبونهما، ولكن الله معهما، حتى وقفوا على الغار، يقول أبو بكر: لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا، فيقول له الرسول عليه الصلاة والسلام: «لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا، فَمَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا؟». والله ظننا لا يغلبهما أحد، ولا يقدر عليهما أحد، وفعلًا هذا الذي حصل؛ ما رأوهما مع عدم المانع، فلم يكن هناك عِشٌّ كما يقولون، ولا حمامة وقعت على الغار، ولا شجرة نبتت على فم الغار، وما كان إلا عناية الله عز وجل؛ لأن الله معهما. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته