أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السابعة والعشرون بعد المائة في موضوع "الرقيب "

نبذة عن الفيديو

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والعشرون بعد المائة في موضوع (الرقيب) وهي بعنوان : * خُلق المراقبة .. أُنسٌ للفرد ونَجاحٌ للمؤسسة لغياب الرَّقابة الذاتية في عالمنا اليوم ومجتمعاتنا ومؤسساتنا المختلفة، استحدث المسؤولون عنها صفة "مراقب" لبعض الأشخاص، وتعدّدت مهامهم واختصاصاتهم؛ فمنهم مراقب الدوام ومراقب سير العمل ومراقب الامتحانات والاختبارات .. وقد يستغنى عن العنصر البشري لتحلّ محلّه كاميرات المراقبة وأجهزة مراقبة الدوام بالبصمة الإلكترونية وغيرها.. لقد جرّبت الرّقابات الأرضية لفرض سلوك معيّن، فلم تنجح ولم تعط النتائج المرجوّة منها، على الرّغم من بذل الجهد والمال، ولكن دون جدوى ! إنَّ السرّ في عدم نجاح تلك الجهود البشرية يكمن في غياب الوازع الداخلي النابع من الرقابة الذاتية لله سبحانه وتعالى، وإيمان الفرد بأنَّ الله مطلع عليه في سائر حركاته وسكناته، فما يلفظ من قول وما يحرّك من ساكن وما يقوم به من عمل إلاَّ لديه رقيب عتيد ... فما هي هذه المراقبة ؟ عرّف بعض العلماء المراقبة لله سبحانه وتعالى بقولهم: (هي مراعاة القلب لملاحظة الحق مع كل خطرة وخطوة). وقال آخرون: (مقام المراقبة وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه منه فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى؛ لأنَّ استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله تعالى وإرادته بالعمل). وقيل: (من راقب الله في خواطره عصمه في حركات جوارحه). من هنا نبدأ .. تنمية خلق المراقبة لله سبحانه يبدأ من الإيمان العميق بأنَّ الله سبحانه محيط بكل شيء، قال الله عزّ وجل: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. (المجادلة:7). يقول الإمام ابن كثير في تفسيره: (يقول تعالى مخبرًا عن إحاطة علمه بخلقه واطلاعه عليهم وسماعه كلامهم ورؤيته مكانهم حيث ما كانوا وأين ما كانوا، فيطلع عليهم، ويسمع كلامهم وسرهم ونجواهم، ورسله أيضًا مع ذلك تكتب ما يتناجون به مع علم الله تعالى به، وسمعه لهم). يقول سفيان الثوري رحمه الله: (عليك بالمراقبة مما لا تخفى عليه خافية، وعليك بالرجاء ممن يملك الوفاء). وقد قرَّر المولى تبارك وتعالى هذا المعنى في كتابه كثيرًا، ولفت أنظار المتفكرين في كتابه إليه، حيث قال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ}. (التوبة:78)، وقال سبحانه : {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}. (الزخرف:80)، وقال عزّ وجل: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}. (المجادلة:6)، قال الإمام ابن كثير في تفسيره : (شهيد على أفعالهم، حفيظ لأقوالهم، عليم بسرائرهم وما تكن ضمائرهم). إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته