أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية بعد المائة في موضوع "الرقيب "

نبذة عن الفيديو

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية بعد المائة في موضوع (الرقيب) وهي بعنوان : *كلمات في ذنوب الخلوات وذِكر الله يشمل ذكره باللسان والقلب: فذِكر القلب: ذكر عظمته وبطشه وانتقامه وعقابه، والبكاء الناشئ عن هذا هو بكاء الخوف، ويشمل: ذكر جماله وكماله وبِره ولطفه، وكرامته لأوليائه بأنواع البر والألطاف، لا سيما برؤيته في الجنة، والبكاء الناشيء عن هذا هو بكاء الشوق. وذِكر الله باللسان: بالاستغفار والتسبيح والتنزيه عما لا يليق به، كما قال تعالى عن المتقين الذي يدخلون الجنة: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾[آل عمران: 135]. إن ذنوب الخلوات أفسدت كثيراً من القلوب، حين أهمل أصحابُها مراقبةَ الله ونظرَه إليهم، فصارت هذه الذنوب -مع الإصرار عليها- سبباً في فقد لذة الطاعات، وقحوط العين، وقسوة القلب، والكسل عن الطاعات الظاهرة! ومَن قرأ كلام العلماء عنها في قديم الزمان، فإنه يتساءل: كم كانت نسبة المعاصي التي يخلو بها العبد في زمانهم بالنسبة إلى زماننا؟! قال ابن الجوزي رحمه الله: "ورأيتُ أقواماً من المنتسبين إلى العلم، أهملوا نظر الحق -عز وجل- إليهم في الخلوات، فمحا محاسنَ ذِكرهم في الجلوات، فكانوا موجودين كالمعدومين، لا حلاوة لرؤيتهم، ولا قلب يَحِن إلى لقائهم! فالله الله في مراقبة الحق عز وجل؛ فإن ميزان عدله تَبِين فيه الذرة، وجزاؤه مراصد للمخطئ ولو بعد حين، وربما ظن أنه العفو، وإنما هو إمهال، وللذنوب عواقب سيئة، وإياكم والاغترار بحلمه وكرمه، فكم استدرج! وكونوا على مراقبة الخطايا مجتهدين في محوها! وما شيءٌ ينفع كالتضرع مع الحمية عن الخطايا. ولقد قال بعضُ المراقبين لله تعالى: قدرتُ على لذة وليست بكبيرة، فنازعتني نفسي إليها؛ اعتماداً على صغرها، وعِظَم فضل الله تعالى وكرمه، فقلت لنفسي: إن غَلَبْتِ هذه فأنتِ أنتِ! وإذا أتيت هذه فمن أنت؟! وذكّرتها حالةَ أقوام كانوا يفسحون لأنفسهم في مسامحة، كيف انطوت أذكارهم، وتمكنت عقوبةُ الإعراض عنهم منهم؛ فارعوتْ ورجعت عما همّت به"ا.هـ. "كم من مؤمن بالله عز وجل، يحترمه عند الخلوات، يترك ما يشتهي حذراً من عقابه، أو رجاء لثوابه، أو إجلالاً له، فيكون بذلك الفعل كأنه طرح عوداً هندياً على مجمر؛ فيفوح طيبه، فيستنشقه الخلائقُ، ولا يدرون أين هو! وعلى قدر المجاهدة في ترك ما يهوى تقوى محبتُه، أو على مقدار زيادة دفع ذلك المحبوب المتروك يزيد الطِّيْب، ويتفاوت تفاوت العود، فترى عيونَ الخلق تُعظِّم هذا الشخص،وألسنتُهم تمدحه، ولا يعرفون لم! ولا يقدورن على وصفه؛ لبعدهم عن حقيقة معرفته. وعلى عكس هذا من هاب الخلق، ولم يحترم خلوته بالحق؛ فإنه على قدر مبارزته بالذنوب، وعلى مقادير تلك الذنوب؛ يفوح منه ريح الكراهة، فتمتقته القلوب، فإن قل مقدارُ ما جنى؛ قَلَّ ذِكر الألسن له بالخير، وبقي مجرد تعظيمه، وإن كثر كان قصارى الأمر سكوت الناس عنه، لا يمدحونه ولا يذمونه. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته