أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية عشرة في موضوع الحسيب

نبذة عن الفيديو

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع ( الحسيب ) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : * وفُسـر الحسيب بالكافي وفسر الحافظ ابن القيم -رحمه الله- الحسيب بالكافي، كما قال في نونيته: وهو الحسيبُ حمايةً وكفايةً *** والحَسْب كافي العبد كل أوانِ[ انظر: نونية ابن القيم (ص: 210).] وهذا فيه شيء من الغرابة، حيث إن هذا من معناه، والمعنى أوسع من ذلك، كان من عادة ابن القيم -رحمه الله- أنه يذكر المعاني التي دل عليها الاسم الكريم، ويجمعها، ويؤلف بينها، ثم يعبر عنها بأحسن عبارة، بينما تجد في كلام الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- في مواضع متفرقة من تفسيره حينما يتعرض لهذا الاسم فإنه يفسره غالباً بما يجمع هذه المعاني، فهو يفسره في موضع: "بالعليم بعباده كافي المتوكلين، المجازي لعباده بالخير، والشر، بحسب حكمته، وعلمه بتدقيق أعمالهم، وجليلها"[ انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص: 947).] ويقول في موضع آخر: "الحسيب بمعنى: الرقيب، المحاسب لعباده، المتولي جزاءهم بالعدل، وبالفضل، وبمعنى: الكافي عبده همومه، وغمومه، وأخص من ذلك أنه الحسيب للمتوكلين،وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ الطلاق:3؛ أي: كافيه أمور دينه، ودنياه"[ انظر: تفسير أسماء الله الحسنى (ص: 182).] ويقول في موضع ثالث: "هو الذي يحفظ أعمال عباده من خير، وشر، ويحاسبهم إن خيراً فخير، وإن شرًّا فشر"، فهذا بحسب الموضع الذي فسره به. وفي قوله -تبارك وتعالى-: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الأنفال:64، ذكر نحواً مما سبق، وبين أن هذه الكفاية تكون للعبد بحسب تحقيقه للإيمان، والعبودية، والمتابعة للنبي ﷺ ظاهراً، وباطناً"[المصدر السابق.] وهكذا في قوله –تعالى-: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًاالنساء:86، أي: يحفظ على العباد أعمالهم، صغيرها وكبيرها، حسنها وسيئها، ثم يجازيهم عليها، فنخلص من هذا: أن الحسيب هو الكافي، وهو أيضاً الذي يحاسب عباده، وهو كذلك الذي يحصي أعمالهم، وأرزاقهم، وآجالهم إلى غير ذلك، فلا يفوته منه شيء. ثانياً: ما يدل على هذا الاسم الكريم في الكتاب والسنة: هذا الاسم يمكن أن يستدل عليه بـ خمس آيات، في آيتين منها جاء بصيغة الجمع، وفي الأولى منهما بصيغة أفعل التفضيل: أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ الأنعام:62، وفي الثانية: وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ الأنبياء:47، ولهذا بعض أهل العلم عد من أسمائه الحسنى: سريع الحساب، وعد بعضهم من الأسماء: أسرع الحاسبين، وهذا بناءً على الأصول التي تقدمت في أول هذه الدروس، أن ذلك لا يكون من الأسماء إلا في حال الإطلاق كما في قوله -تبارك وتعالى- في الآيات الثلاث: وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَالأنبياء:47، وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا النساء:6، والأحزاب:39، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا النساء:86. ويمكن أن يستدل على ذلك من السنة بحديث أبي بكرة - المشهور: (إن كان أحدكم مادحًا لا محالة فليقل: أحسب كذا وكذا، إن كان يرى أنه كذلك، وحسيبه الله، ولا يزكي على الله أحداً)[ أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب ما يكره من التمادح، برقم (6061)، ومسلم، كتاب الزهد، والرقائق، باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه فتنة على الممدوح، برقم (3000)، واللفظ للبخاري.] ،(وحسيبه الله)، وإن كان هنا جاء بصيغة مقيدة، لكن لم يُثبَت هذا الاسم من هذا الحديث استقلالاً. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم