أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الحادية عشرة في موضوع الحسيب

نبذة عن الفيديو

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع ( الحسيب ) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *المحصي والمعني الثاني: وهو المحصي الذي يحفظ أعمال العباد من خير وشر، ويحفظها، لا يفوته من ذلك شيء، كما أنه يحاسبهم على ذلك، فهذا من معاني الحسيب، يحصي الأعمال، والآجال، وكل شيء، كما أنه أيضاً يحاسب عباده على أعمالهم، فهو حسيب بمعنى: محاسب، كما قال -تعالى-: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} النساء:6،على هذا المعنى، وسيأتي ما قاله ابن جرير-رحمه الله-في تفسيره. وهكذا في قوله -تعالى-: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًاالنساء:86، ليس معناه: كان على كل شيء كافياً، وإنما يحصي الأعمال، ويحاسب عليها، ويجازي. وهكذا في قوله –تعالى-: ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ الأنعام:62 ليس معناه: هو أسرع الكافين، وإنما ذلك من المحاسبة، أو الحَسْب بمعنى: الإحصاء، والعد، كما سيأتي. وهكذا في قوله -تعالى-: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ الأنبياء:47. وهكذا قوله -تعالى-: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًاالطلاق:8، فذلك كله يرجع إلى هذا المعنى الثاني، والثالث، والله تعالى أعلم. فالله –جل جلاله- حسيب بمعنى: ضابط لأعداد المخلوقات، وهيئاتها، وخصائصها، وأوصافها، ومقاديرها، ويضبط مقادير الأشياء، لا يفوته منها شيء، ويحصي أعمال المكلفين، ويحصي أرزاقهم، وآجالهم، وأقدارهم، ومآلهم حال كونهم في هذه الحياة الدنيا، وبعد موتهم عند الحساب الله - جل جلاله- - حسيب بمعنى: ضابط لأعداد المخلوقات، وهيئاتها، وخصائصها، وأوصافها، ومقاديرها، ويضبط مقادير الأشياء، لا يفوته منها شيء، ويحصي أعمال المكلفين، ويحصي أرزاقهم، وآجالهم، وأقدارهم، ومآلهم حال كونهم في هذه الحياة الدنيا، وبعد موتهم عند الحساب ، قال -تعالى-: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِالرعد:8-9، لا يفوته شيء - جل جلاله- -، هذا الخلق الهائل بكل ذراته الله - جل جلاله- - قد أحصاه، وعده، ولا يغيب عنه قليل، ولا كثير، وعلى كثرة أفعال الناس، ومزاولاتهم، وعلى كثرة كلامهم الله -تبارك وتعالى- لا يفوته من ذلك شيء. وهكذا جاءت عبارات المفسرين كما قال ابن جرير -رحمه الله- في قوله -تبارك وتعالى-: وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًاالنساء:6، هنا فسره بالكافي، أي: كافيًا من الشهود الذين يشهدون له أنه دفع مال اليتيم[انظر: تفسير الطبري (7/596).] ، كفى بالله كافياً، مع أن أكثر المفسرين لا يفسرونه هنا بالكافي، وإنما المحاسب، وهكذا في قوله -تبارك وتعالى-: وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًاالنساء:6، فسره ابن جرير -رحمه الله- بالحافظ لأعمال الخلق[المصدر السابق (20/278).] وهكذا في قوله -تبارك وتعالى-: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا النساء: 86، يقول: "حفيظاً عليكم"[ المصدر السابق (8/591).] فهنا يفسر ابن جرير -رحمه الله- مثل هذه المواضع في كتاب الله -تبارك وتعالى- تارة بـ(الكافي)، وتارة بـ(المحصي)، وتارة بـ(الحفيظ) الذي يحفظ أعمال العباد - جل جلاله- وتقدست أسماؤه-، وتجد في عبارات بعض أهل العلم كصاحب المنهاج في شعب الإيمان، حيث فسر الحسيب بأنه: "المدرك للأجزاء، والمقادير التي يعلم العباد أمثالها بالحساب من غير أن يحسب"، يعني العباد يحتاجون إلى عد، وعقد باليد، أو يحتاجون إلى آلة حاسبة، أو نحو ذلك، فالله يحسب ذلك جميعاً، من غير حاجة إلى ما يزاولونه من أجل أن يتوصلوا إلى النتيجة، ويقول: لأن الحاسب يدرك الأجزاء شيئاً، فشيئاً، ويعلم الجملة عند انتهاء حسابه، والله لا يتوقف علمه بشيء على أمر يكون، وحال يحدث"[انظر: الأسماء والصفات، للبيهقي (1/126). ]، يعني: لا يحتاج إلى مقدمات حتى يصل إلى النتائج، العمليات الطويلة، العمليات الصعبة في الرياضيات تحتاج إلى مقدمات أحياناً، وربما تحتاج إلى خطوات كثيرة، قد تحتاج إلى ساعات من أجل أن تحل المسألة الواحدة، وقد لا يصل إليها إلا النادر من الحذاق، لكن الله -تبارك وتعالى- لا يحتاج إلى شيء من ذلك، فهو العليم، الخبير، الحسيب. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم