أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الخامسة والأربعون بعد الاربعمئة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والأربعون بعد الأربعمائة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :* خذوا العبرة من أصحاب الجنة فرضِي بذلك منهم أربعة، وسَخِط الخامس، ونصَحَهم أن يَسيروا على ما سار عليه أبوهم؛ حتى يبارِكَ الله لهم في رِزقهم وجنَّتهم، لكنَّهم بَطَشوا به، فضربوه ضرْبًا مبرحًا. فلمَّا أيقن الأخُ أنهم يريدون قتْلَه، دخل معهم في مَشُورتهم كارِهًا لأمرهم، غيرَ طائع، فراحوا إلى منازلهم، ثم أقْسموا على قَطْف ثمارِ مزرعتهم دون إعطاء الفقراء شيئًا منها، وتعاهَدُوا على ذلك، ورَفَعوا شعارًا: "لا للفقراء بعدَ اليوم، لا للمساكين بعدَ اليوم، لا للمحتاجين بعدَ اليوم". لقد غفَل أصحاب الجَنَّة عن أنَّ الله يَسمع سِرَّهم ونجواهم، وأنَّ الله علاَّمُ الغيوب، لقد غاب عنهم أنَّ الله - سبحانه - يُثِيب أصحابَ القلوب الطيِّبة، الذين في قلوبهم رِقَّة ورَأفة ورحمة للمؤمنين، ويرْحم الله من عباده الرُّحماءَ ويثيبهم. لقد غاب عن أصحابِ الجنة الذين يُدبِّرون ويُخطِّطون لحرمان الضعفاء والمساكين - أنَّ الجزاء مِن جنس العمل؛ فمَن أكرَمَ الناس أكرَمه الله، ومَن حرَمَهم حرَمه الله، ومَن منعهم الخير منعه الله، فجزاءُ سيِّئةٍ سيئةٌ مثلُها. تعالَ لنرى الذين أضمروا الشرَّ، وعزَموا على حرْمان المساكين؛ ما الذي حدَث لجنَّتهم وبُستانهم وحديقتهم؟ ﴿ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ﴾ [الأعراف: 4]، ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ﴾ [الأعراف: 97]. يَا رَاقِدَ اللَّيْلِ مَسْرُورًا بِأَوَّلِهِ *** إِنَّ الْحَوَادِثَ قَدْ يَطْرُقْنَ أَسْحَارَا لاَ تَفْرَحَنَّ بِلَيْلٍ طَابَ أَوَّلُهُ *** فَرُبَّ آخِرِ لَيْلٍ أَجَّجَ النَّارَا واسمع إلى كتاب الله وهو يُحدِّثنا عنهم: ﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ *وَلاَ يَسْتَثْنُونَ﴾القلم: 17 - 18]. حتى كلمة "إن شاء الله" لم يقولوها. وهم نائمون جاء القرارُ الإلهي بتدمير جميع ثمار ذلك البُستان، ﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾ [القلم: 19 - 20]. قيل: إنَّ سيدنا جبريل - عليه السلام - اقتلعها، وقيل: أصابتها آفةٌ سماوية، وقيل: إنَّ الله أرسل عليها نارًا من السماء فاحترقت. قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - عن ﴿ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾: "صارتِ الجنة محترقةً كالليل المظلِم". يا الله! أيُّ كارثةٍ هذه؟! الإنسان ينام وهو يملك الملايين، ويستيقظ في الصباح ليجد نفسه لا يملك شيئًا! كم مِن إنسان في دنيا الناس اليوم كان يَملِك ما يملِك، لكن بسبب الذنوب ضاع كلُّ شيء، وكم من إنسان كان يملِك العقاراتِ والسيارات، وبسبب الرِّبا ضاع كلُّ شيء، وكم من إنسانٍ كان يملك الملايين، فعندما رفَض إخراج الزكاة من ماله،ضاع هذا المال! أخرج ابنُ أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (إيَّاكم والمعاصي، إنَّ العبد لَيُذنب فيَنسى به البابَ من العِلم، وإنَّ العبد ليذنب الذنب فيُحرَم به قيام اللَّيْل، وإن العبد ليذنب الذنب فيَنسى فيُحرَم به رزْقًا قد كان هُيِّئ له، ثم تلا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾ [القلم: 19 - 20] قد حُرِموا خيرَ جنَّتهم بذنبهم))؛ الدر المنثور الجزء: 8 صفحة 251. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم