أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية والأربعون بعد الاربعمئة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والأربعون بعد الأربعمائة في موضوع الشكور وهي بعنوان : *أسباب استمرار النعم نِعَم الله كثيرة، وخيراته متعدِّدة، وفيوضاته مُتنوِّعة، وعطاءاته مُستمِرة، غير أن استمرار تلك النِّعَم مَرهونٌ بشُكرها، وحسْن استغلالها، ودقَّة صَرفِها في مساربها الحقيقيَّة، فمَن أراد أن تُلاحِقه النِّعم، وتُحيطه المِنَح، فليُقدِّم شُكرها، وقانون السماء قانونٌ لا يتخلف، وضابطها ضابط لا يتبدَّل؛ يقول الله - جل في علاه -: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7]، إذنٌ إلهي، ووعْد رباني بأن مَن شكَر زادَت في يدَيه النِّعم، ومَن حَمِد ربَّ النِّعم، أفاض عليه من أبواب العطاء، وألوان المِنَح التي تَفيض، ولا تَغيض، والناظر في القول الكريم مُحلِّلاً متأمِّلاً يَجد عجبًا؛ حيث يَرى أن الفعل ﴿ تَأَذَّنَ ﴾ ورَد بصيغة الماضي، الذي يَعني أن هذا الوعد وعد تفضَّل الله - تعالى - به مِن قديم الأزل، وقانون مِن قوانين السماء، وأن الإذن به والإعلام بمَضمونه، قد لمَس كل أُذن، وطرَقَ كلَّ مسمَع في هذي الحياة، ثم يأتي القسم ﴿ لَئِنْ ﴾؛ أي: وعزَّتي وجَلالي، وقدرتي وقُدسيتي، ثم يأتي الشرط ﴿ إن شَكَرْتُمْ ﴾، وتُرك المفعول به أو حُذف؛ لأن العاقل يعلَم أن الله - عزَّ وجلَّ - هو صاحِب الفضل الذي يتوجَّب علينا جميعًا شُكرُه وحَمده وتَمجيده والسجود بين يدَيه - جل جلاله - فلا مَجال لحَمد غيره، وشُكرِ سِواه؛ لأنه أصل كل نِعمة، وباعِث كل خير ومنَّة، فتقدير المَفعول: لئن شَكرتُم مولاكم ربَّكم المُمتنَّ عليكم صاحب كل فضل، وحذْفُ المفعول يُسمَّى إيجازًا بالحَذف، لكنَّه يَعني أن المشكور معلوم، وأن الشُّكرَ لا يتوقَّف عند عطاء مُعيَّن، وإنما يَنال كل عطاء، ويتوجَّب عند كل نِعمة، بدءًا من نعمة الخلق والإيجاد، إلى الرزق والصحة، والمال والولد، وغيرها من النعم، ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [النحل: 18]، ثم يأتي جواب القسم واضحًا صريحًا، مؤكَّدًا باللام والنون: ﴿ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾، فاللام هي الواقعة في جواب القسَم، وتُفيد التأكيد، وترسيخ المعنى في دواخل النفوس؛ بحيث تتشرَّبه الجَوارح، ويُغمر به الإحساس والشعور، والفعل (أزيد) ورَد بصيغة الفعل المضارع الذي يُفيد الاستمرار والدوام، وبدأ الفِعل بالهمزة التي تعني إسناد الزيادة إلى الله؛ أي: أزيد أنا، وكل نعمة مَرهونة بصاحبها ومدى عطائه، والله هو صاحب العطاء الأوفى: ﴿ هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [ص: 39]، ويقول - سبحانه -: ﴿ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 261]، وفي القرآن الكريم: ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾ [الضحى: 5]، والنون نون التوكيد التي تُفيد هي الأُخرى رسوخ المعنى، وتعميقَه في النفْس، وترسيخه في الحسِّ، وتَغلغُله في الحنايا، وتملأ به الضلوع، والضمير (كم) يُفيد سعة العطاء الذي يتَّسع ليشمل كل مَن في الأرض من الشاكرين، لا يُحرم منه أحد، ولا يُمنَعه إنسان، وجملة جواب القسم فيها وعدٌ أكيد بمَزيد المزيد: ﴿ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 35]،ويقول جل جلاله:﴿وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾[الزخرف: 71]. نعم؛ فإن هذه النِّعم حتى تستمر في النزول هي رهينة بتقديم الشكر؛ ولذلك أوضحَت تلك النواميسَ آياتٌ كُثر في القرآن الكريم. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم