أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الواحدة بعد الاربعمئة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة بعد الأربعمائة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضيةوالتي هي بعنوان :*من ديوان الإيمان .. الشكر وتعهَّد الشيطان أن يضلَّ الناس عن واجب الشكر، ويُنسيهم المنعم، فقال: ﴿ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 17]. ووضَعه الله - سبحانه وتعالى - في مقابل الكفر في قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 40]. فالأمر بين العبد وربه؛ إما جحود وكُفران، وإما إسلام وشكران، وقد ناشد الله - سبحانه وتعالى - عباده أن يُبصروا ما خلَق لهم، وهيَّأ لهم رزقهم من الطيِّبات، وأَوْلى بهم أن يشكروه على هذه النعم، بدلاً من جحْد النعم وكفران المنعم، ويكرِّر لهم هذا النداء في آيات كثيرة في القرآن الكريم؛ كقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78]، ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 3]،﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الواقعة: 68 - 70]، ﴿ اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الجاثية: 12]. والآيات عديدة تحمل هذا النداء الذي يحتاج إلى تدبُّر وحُكم موضوعي بلُغة أهل العصر! ولا شك أن الشكر شعور فطري كما قلتُ، يَحكم كلَّ قلبٍ نقي، ويَسوس كل خالصي الإيمان، وهذا ما ظهر كسمةٍ بارزة في أسلوب قادة البشرية وأقمارها؛ من النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئك رفيقًا، كلهم يَنطق بلسان هذا الرجل المؤمن الذي قال: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأحقاف: 15]. وأيضًا كلهم ينطق بلسان محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - وما روَته عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم من الليل حتى تَنفطر قَدماه، فقلت له: لِم تَصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر؟ قال:(أفلا أكون عبدًا شكورًا؟!) إنها عبودية الحمد التي يُعلِّمنا الإسلام إياها؛ حتى نكون من أولئك القليل، نَعرف النعمة للمُنعم ونُقِرها، ثم نَشكره عليها، وهكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعلمنا في كل موقفٍ، كيف يكون شاكرًا لله حقَّ الشكر، مع تقديم قاعدة أصلية، وهي أننا مهما بالَغنا في الشكر، فلن نفيَ الله حقَّه، وكما قال أحد الصالحين: إن شكرك لله يحتاج منك إلى شُكره؛ لأنه وفَّقك إلى شكره؛ لأن الشكر في ذاته عبادة، فكونه وفَّقك إلى عبادة، فقد أنعَم عليك نعمة تحتاج منك إلى شكره عليها! إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم