أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الاربعمئة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الأربعمائة في موضوع الشكور وهي بعنوان :*من ديوان الإيمان .. الشكر قرين الصبر عند المؤمن الشكرُ؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (عجبًا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن؛ إن أصابتْه سرَّاءُ شكَر، فكان خيرًا له، وإن أصابتْه ضرَّاءُ صبَر، فكان خيرًا له) فتقدير النعمة الربانية، ومعرفة باعثها، وشُكره عليها - دليلٌ على إيمانٍ حي، يَنبض بالإقرار والاعتراف بالرب - سبحانه - في نَعمائه ورحمائه ولُطفه بعبادة، ومن ثَمَّ يَلهج بالاعتراف به وبتقديره حقَّ قدره وشكره على ذلك! فإن الإنسان مُثقل بالنِّعم الإلهية والمِنَح الربانية، حتى إنه لو ذهَب يُحصيها، لما استطاع إلى ذلك سبيلاً؛﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَاتُحْصُوهَا﴾النحل: 18]. فإن أقل ما يقدِّمه الإنسان - عِرفانًا بالنعم - أن يشعر بالمنعم، ويُقر له بالفضل، ثم يَشكره على هذه النِّعم، وهذا ما تَقتضيه الفطرة النقيَّة للإنسان دائمًا، غير أن هذه الفطرة قد تَفسُد أحياناً ويحيطها الشيطان بشِباكه وقدراته المُخولة له، فيَصرف شُكْرَه وحمْده إلى غير الله - سبحانه - وقد قال المولى - عز وجل - في الحديث القدسي: ((إني والجن والإنس في نبأ عظيم: أَخلق ويُعبَد غيري، وأَرزق ويُشكَر سواي)). فإن الأجدر بالعبادة، الأحق بالشكر والحمد، هو الخالق المُنعم؛ ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]. والشكر نوعان: شكر قلبي، وشكر بالجوارح. فمتى عرَف القلب نعمة المنعم وذاقها وشهِدها، تحدَّث عنها شاكرًا للمنعم نعمتَه، وانساقَت الجوارح كلُّها مع القلب تَشكر المربي والمنعم! وشكر القلب هو إقراره بخالقه ومعرفة نَعمائه، التي ليس العبد أهلاً لها؛ لأنه لم يقم نظيرها الواجب للمنعم، مع أنه يشعر - بالفطرة النقيَّة - أنه محتاج إلى الرب، وأن بشريَّته تكون ناقصة لا تَكتمل إلا باتِّصالها به، وباستمدادها منه، ولن تبلغ الكمال يومًا؛ وإنما هي تَنشده بطبيعتها، والكمال المطلق لله وحده، ومن هنا تلتقي الحاجة بطبيعتها والكمال المطلق لله وحده، ومن هنا تلتقي الحاجة البشرية بالدائرة الربانية دائمًا. وإذا كان القلب شاكرًا، عبَّرت الجوارح عن شكره، وأوَّلها اللسان الذي يعبِّر عما يَجيش في هذا القلب من معانٍ، فمما طلَبه الإيمان: أن يكون الحمد أول الكلام، بل أول الأعمال؛ حيث يقول النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -: ((كل أمرٍ ذي بالٍ، لا يبدأ فيه بحمْد الله، فهو أجذم))[ رواه مسلم، 1/43، وهو حسن روي موصولاً ومرسلاً، ورواية الموصول إسنادها جيد.] ؛ أي: أقطع؛ أي: مقطوع الأجر. ومن هنا كان الحمد واجبًا لله - سبحانه – فطرةً وطبعًا، قبل أن يكون دينًا وشريعة، وقد قال الله - تبارك وتعالى -: ﴿ وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ ﴾ [القصص: 70]. ثم إنه يُرضي الله - سبحانه وتعالى - فيُحبه، وهذا معنى ما رواه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((ليس شيء أحب إليه الحمد من الله تعالى)). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيَحمده عليها، ويشرب الشربة فيَحمَده عليها)). فكان الشكر تعبيرًا عن إيمان نقي، وعبودية صادقة، وفطرة صافية؛ ولهذا فالشاكرون قليلون في كل عهد وزمان؛ لأن مخلصي العبودية لله سبحانه قليلون أيضًا بين البشر؛فقد قال الله تبارك وتعالى:﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: 13]. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم