أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الرابعة والتسعون بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والتسعون بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :* العبيد بين الشكران والجحود وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عند شرحه لهذا الحديث: "ففي هذا دليلٌ على أن رضا الله - عز وجل - قد يُنال بأدنى سبب، قد يُنال بهذا السبب اليسير ولله الحمد، يرضى الله عن الإنسان إذا انتهى من الأكْل قال: الحمد لله، وإذا انتهى من الشرب قال: الحمد لله"["شرح رياض الصالحين" 1/ 157.] فلله الحمد على هذا التيسير الفضْل والمنَّة؛ إذ جعل شكره يسيرًا، وجعل رضاه في الاعتراف لصاحب الفضل بفضله، وتعظيم النعمة وإن دقَّت، كما كان هذا وصف الحبيب - صلى الله عليه وسلم -: (يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ وَإِنْ دَقَّتْ ) [أخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ 155 حديث 18265، والبيهقي في "شُعَب الإيمان" 2/ 154 حديث 1430.] وقد رُوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هذا ورزقنيه من غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ [ أخرجه الترمذي 3380، وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" 3458.] ألا فليعلم العبدُ أن أغنى الناس الراضي بما قَسَمه الله له؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (وارضَ بما قسم الله لك تكنْ أغنى الناس) [أخرجه الترمذي 2227 من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" 100.] وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ) [ أخرجه مسلم 1746 من حديث عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما.] ،فهذا هو الفالح على الحقيقة. وأن الدُّنيا ما هي إلا أكلة ونومة وعافية بدن؛ مصداقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (مَن أصبح منكم آمنًا في سرْبه، مُعافًى في جسده، عنده قوتُ يومه؛ فكأنما حِيزت له الدنيا بحذافيرها) [ حسنه الألباني في "الصحيحة" 2318.] ومَن نظر لأحوالنا ووازنها بحال النبي - صلى الله عليه وسلم - وجُلِّ أصحابه، يعلم يقينًا أننا - بالنسبة لهم فيما خوَّلنا الله من متاع الدنيا - ملوكٌ، بلا أدنى مبالغة؛ فمَنْ مِنَّا بات طاويًا، ومن منا ربط على بطنه حجرًا أوحجرين من الجوع، ورضي بذلك، ولم يسخط، وأحب ذلك وطلبه، ودعا به: اللَّهُمَّ ارْزُقْ آلَ مُحَمَّدٍ قُوتًا[ أخرجه مسلم 5979 من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه.] فسبب البلاء الذي نحياه سخطُنا على خالقنا، مع ما منَّ به علينا من نعَم نعجز عن حصرها، وشكايتنا إياه لمن لا يملك لنفسه - فضلاً عن أن يملك لغيره - نفعًا ولا ضرًّا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، وصار هذا السخط والضجر من الحياة ومن فيها وما فيها لا يكاد يخلو منه مجلس. الكل يعترض ويسخط، ويدَّعي أنه يستحق أكثر مما أوتي، إلا من رحم ربك - وقليل ما هم - كأنه يُطالب الله بما وجب له عنده - والعياذ بالله. ولم يعلم أن الله لا يجب عليه شيء إلا ما أوجبه بنفسه على نفسه - جل في علاه - وأن الله قد زكَّى ومدح مَن رضي به وعنه، ورضي عنهم، وقرن الزيادة بالشكر، ولا يكون هذا إلا بعد اعتراف لله بالجميل، ونسبة التقصير للعبد في أداء ما عليه وجب، والعجز عن شكر ما له وُهِب. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم