أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية والتسعون بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والتسعون بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي بعنوان : *﴿ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ قرن الله جل جلاله بموته صلى الله عليه وسلم الشكر دون الصبر قال الرازي (604هـ): لما وقعَت الشبهة في قلوب بعضهم بسبب تلك الهزيمة ولم تقع الشبهة في قلوب العلماء الأقوياء من المؤمنين، فهم شكَروا الله على ثباتهم على الإيمان وشدة تمسكهم به، فلا جرَم مدَحَهم الله تعالى بقوله:﴿وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ ، وروى محمد بن جرير الطبري عن علي رضي الله عنه أنه قال: المراد بقوله:﴿ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ أبو بكر وأصحابه،وروي عنه أنه قال: أبو بكر من الشاكرين ، وهو من أحبَّاء الله، والله أعلم بالصواب[ يُنظر: مفاتيح الغيب (9/ 19).] قال الخازن (741): يعني الثابتين على دينهم الذين لم ينقَلِبوا عنه؛لأنهم شكروانعمة الله عليهم بالإسلام وثباتِهم عليه، فسماهم الله شاكرين لِمَا فعلوا؛ والمعنى: وسيُثيب الله مَن شكَره على توفيقه وهدايته[ يُنظر: تفسير الخازن (1/ 430).] قال أبو حيان (754هـ): ﴿ الشَّاكِرِينَ ﴾ هم الذين صبروا على دينه، وصدَقوا الله فيما وعَدوه، وثبَتوا، شكَروا نعمة الله عليهم بالإسلام، ولم يكفروها، والشاكرون لفظ عامٌّ يندرج فيه كلُّ شاكر فعلًا وقولًا، وظاهر هذا الجزاء أنه في الآخرة، وقيل: في الدنيا؛ بالرزق،والتمكين في الأرض[تفسير البحر المحيط (3/ 54).] قال أبو السعود (982هـ): أي: الثابتين على دين الإسلام الذي هو أجلُّ نعمة وأعزُّ معروف، سمُّوا بذلك؛ لأن الثبات عليه شكر له وعرفان لحقه، وفيه إيماءٌ إلى كفران المنقلبين، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المراد بهم الطائعون لله تعالى من المهاجرين والأنصار، وعن عليٍّ رضي الله عنه: أبو بكر وأصحابه رضي الله عنهم، وعنه رضي الله عنه أنه قال: أبو بكر من الشاكرين ومن أحبَّاء الله تعالى، وإظهار الاسم الجليل في موقع الإضمار؛ لإبراز مَزيدِ الاعتناء بشأن جزائهم[تفسير أبي السعود (2/ 94).] قال ابن عجيبة (1224هـ):﴿وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 145] الذين ذكَروا نِعمَ الله، فلم يَشغَلهم شيء عن الجهاد في سبيل الله، بل كان همُّهم رضا اللهِ ورسوله دون شيء سواه. والإشارة: ينبغي للمريد أن يستغنيَ بالله، فلا يَركن إلى شيء سواه، وتكون بصيرته نافذة حتى يغيب عن الواسطة بشهود الموسوط؛ فإن مات شيخُه لم ينقلب على عَقِبيه؛ فإن تمكَّن من الشهود فقد استغنى عن كل موجود، وإن لم يتمكَّن نظَر من يُكْمله، فالوقوف من الوسائط وقوفٌ مع النِّعم دون شهودِ المنعم، فلا يكون شاكرًا للمُنعم حتى لا يحجبه عنه شيء، ولما مات عليه الصلاة والسلام دُهِشَت الناس، وتحيَّرت لوقوفهم مع شهود النعمة، إلاَّ الصدِّيق؛ كان نَفذ من شهود النعمة إلى شهود المُنعم، فخطَب حينئذٍ على الناس، وقال: "مَن كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت"، ثمَّ قرأ: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ﴾، إلى قوله: ﴿ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144، 145]، وهم الذين نفذوا إلى شهود المنعم، ولم يقفوا مع النعمة[البحر المديد (1/ 516).] قال الشوكاني (1250هـ): أي: الذين صبَروا وقاتَلوا واستُشهدوا؛ لأنهم بذلك شكروا نعمة الله عليهم بالإسلام، ومَن امتثل ما أُمر به فقد شكَر النعمة التي أنعَم الله بها عليه[فتح القدير (1/ 580).] قال الألوسي (1270هـ): أي: سيُثيب الثابتين على دين الإسلام، ووضَع الشاكرين موضع الثابتين؛ لأن الثبات عن ذلك ناشئٌ عن تيقُّن حقيَّته، وذلك شكرٌ له، وفيه إيماء إلى كفران المنقلبين. وإلى تفسير الشاكرين بالثابتين ذهَب عليٌّ رضي الله تعالى عنه، وقد رواه عنه ابنُ جرير، وكان يقول: الثابتون هم أبو بكر وأصحابه، وأبو بكر رضي الله تعالى عنه أمير الشاكرين، وعن ابن عباس: أن المراد بهم الطائعون من المهاجرين والأنصار، وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار للإعلان بمزيد الاعتناءِ بشأن جزائهم، واتصال هذا بما قبله اتصال الوعد بالوعيد[روح المعاني (4/ 75).] قال ابن القيم (751هـ): وهي من أعلى المنازل، وهي فوق منزلة الرضا وزيادة؛ فالرضا مندرجٌ في الشكر؛ إذ يستحيل وجود الشكر بدونه، وهو نصف الإيمان كما تقدم، والإيمان نصفان: نصفٌ شكر، ونصفٌ صبر، وقد أمر الله به ونهى عن ضده، وأثنى على أهله ووصف به خواصَّ خلقِه، وجعله غاية خلقه وأمره، ووعَد أهله بأحسن جزائه، وجعله سببًا للمزيد من فضله وحارسًا وحافظًا لنعمته، وأخبر أن أهله هم المنتفِعون بآياته، واشتق لهم اسمًا من أسمائه؛ فإنه سبحانه هو الشَّكور، وهو يوصل الشاكر إلى مشكوره، بل يعيد الشاكر مشكورًا، وهو غاية الرب من عبده، وأهله هم القليل من عباده؛ [الأنترنت – موقع الألوكة - وسيجزي الله الشاكرين.. قرن الله جل جلاله بموته صلى الله عليه وسلم الشكر دون الصبر - أ. د. فهمي أحمد عبدالرحمن القزاز] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم