أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الواحدة والتسعون بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والتسعون بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي بعنوان : *﴿ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ قرن الله جل جلاله بموته صلى الله عليه وسلم الشكر دون الصبر ومِن أعظم مصائب الموت موتُ الحبيب الشفيع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة رضي الله عنها: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أقبَل على الناس، فقال: (يا أيها الناس، مَن أُصيب منكم بمصيبةٍ من بعدي فليتَعزَّ بمصيبته بي عن مصيبته التي تصيبه؛ فإنه لن يُصاب أحدٌ من أمتي بعدي بمثل مصيبته بي)["المعجم الصغير"؛ للطبراني (1/ 366)، رقم (612)، قال المناوي: رمز المؤلف لضعفه لكن له شواهد. [يُنظر: التيسير بشرح الجامع (1/ 148).] وفي رواية: (إذا أصاب أحدَكم مصيبةٌ فليَذكُر مصيبته بي؛ فإنها من أعظم المصائب)[ سنن الدارمي (1/ 53)، رقم (84)، قال حسين سليم أسد: إسناده صحيح وهو مرسل] ، وفي رواية: (إذا أصابَت أحدَكم مصيبة فليذكر مصابه بي، وليُعزِّه ذلك من مصيبته بي) [الزهد؛ لابن المبارك (1/ 77)، رقم (271).] قال ابن عبدالبر: ونعم العزاءُ فيه لأمته صلى الله عليه وسلم، فما أصيب المسلمون بعدَه بمثل المصيبة به، وفيه العزاء والسلوى، وأي مصيبة أعظمُ من مصيبةِ مَن انقطع بموته وحيُ السماء، ومَن لا عِوَض منه رحمة للمؤمنين وقضاءً على الكافرين والمنافقين ونهجًا للدين؟! ولأبي العتاهية شعرٌ يقول[ يُنظر: الاستذكار (3/ 80).] وإذا ذكَرتَ محمدًا ومُصابَه *** فاجعَل مصابَك بالنبيِّ محمدِ وله أيضًا: لكلِّ أخي ثُكلٍ عزاءٌ وأُسوةٌ *** إذا كان مِن أهل التُّقى في محمدِ وعن أنسٍ قال: "لَمَّا ثقُل النبيُّ صلى الله عليه وسلم جعل يتغشَّاه، فقالت فاطمةُ عليها السلام: واكرب أباه! فقال لها: ((ليس على أبيك كربٌ بعد اليوم))، فلما مات قالت: يا أبتاه؛ أجاب ربًّا دعاه، يا أبتاه؛ مَن جنَّةُ الفردوس مأواه، يا أبتاه؛ إلى جبريل ننعاه! فلما دُفن قالت فاطمةُ رضي الله عنها : يا أنسُ؛ أطابت أنفُسُكم أن تَحْثُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التُّراب؟!"[ صحيح البخاري (10/ 554)، رقم (4462).] قال ابن حجر: وأشارت رضي الله عنها بذلك إلى عتابهم على إقدامهم على ذلك؛ لأنه يدل على خلاف ما عرَفَته منهم من رقة قلوبهم عليه؛ لشدة محبتهم له، وسكَت أنس عن جوابها رعايةً لها، ولسانُ حاله يقول: لم تطب أنفسنا بذلك، إلا أنا قهَرناها على فعله؛ امتثالًا لأمره[ يُنظر: فتح الباري (8/ 149).] يقول سيدنا أنس: "لما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ أضاء منها كلُّ شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أظلم منها كل شيء"، قال: "وما نفَضْنا أيديَنا من تراب قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنكَرْنا قلوبَنا" [ مسند أبي يعلى (6/ 110)، رقم (3378)، قال حسين سليم أسد: إسناده صحيح.] ومع ذلك عندما حدثنا القرآن عن موته صلى الله عليه وسلم أمرَنا أن نشكر، لا أن نصبر فحَسْب؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144]، فلم يقل: وسيَجزي الله الصابرين، وإنما قال: ﴿ الشَّاكِرِينَ ﴾. قال الزمخشري (538هـ): وسمَّاهم شاكرين؛ لأنهم شكَروا نعمة الإسلام فيما فعلوا؛ المعنى: أن موت الأنفس محال أن يكون إلا بمشيئة الله، فأخرَجه مخرج فعلٍ لا ينبغي لأحد أن يُقدِم عليه إلا أن يأذن الله له فيه تمثيلًا، ولأن ملَك الموت هو الموكل بذلك، فليس له أن يقبض نفسًا إلا بإذنٍ من الله، وهو على معنيين: أحدهما: تحريضهم على الجهاد وتشجيعهم على لقاء العدو؛ بإعلامهم أن الحذر لا ينفع، وأن أحدًا لا يموت قبل بلوغ أجله وإن خاض المهالك واقتحم المعارك، والثاني: ذِكر ما صنع اللهُ برسوله عند غلبة العدو والتفافِهم عليه، وإسلام قومه له نهزة للمختلس من الحفظ والكلاءة وتأخير الأجل[ يُنظر: تفسير الكشاف (1/ 450).] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم