أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السابعة والثمانون بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والثمانون بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي بعنوان: نعمة تعاقب الليل والنهار ثالثها: انتشار الناس والحيوان في النهار وتبيّن الذوات بالضياء، وبذلك تتم المساعي للناس في أعمالهم التي بها انتظام أمر المجتمع من المدن والبوادي والحضر والسفر؛ فإن الإنسان مدني بالطبع وكادح للعمل والاكتساب؛ فحاجته للضياء ضرورية، ولولا الضياء لكانت تصرفات الناس مضطربة مختبطة (ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج 12، ص 467). وأوضح سيد بقوله: والليل والنهار ظاهرتان كونيتان والأرض، والسماء خَلْقَان كونيان كذلك، وتعرض كلها في معرض نعم الله تعالى وفضله على الناس، وفي معرض الوحدانية وإخلاص الدين لله تعالى، فيدل هذا على ارتباط هذه الظواهر والخلائق والمعاني وعلى وجود الصلة بينها ووجوب تدبرها في محيطها الواسع وملاحظة الارتباط بينها والاتفاق. وأضاف بأن بناء الكون على القاعدة التي بناه الله تعالى عليها ثم سيره وفق الناموس الذي قدره الله عز وجل له هو الذي سمح بوجود الحياة في هذه الأرض ونموها وارتقائها كما أنه هو الذي سمح بوجود الحياة الإنسانية في شكلها الذي نعهده ووافق حاجات هذا الإنسان التي يتطلبها تكوينه وفطرته، وهو الذي جعل الليل مسكناً له وراحة واستجماماً، والنهار مبصراً معيناً على الرؤية والحركة، والأرض قراراً صالحاً للحياة والنشاط، والسماء بناء متماسكاً لا يتداعى ولا ينهار ولا تختل نسبه وأبعاده ولو اختلت لتعذر وجود الإنسان على هذه الأرض وربما وجود الحياة! وهو الذي سمح بأن تكون هناك طيبات من الرزق تنشأ من الأرض وتهبط من السماء فيستمتع بها هذا الإنسان الذي صوره الله سبحانه فأحسن صورته وأودعه الخصائص والاستعدادات المتسقة مع هذا الكون الصالحة للظروف التي يعيش فيها مرتبطاً بهذا الوجود الكبير (قطب، في ظلال القرآن، ج 6، ص 267). سادساً: معرفة شدة عداوة إبليس للإنسان، والحرص كل الحرص على اتخاذ كافة السبل والطرق لإغوائه وإبعاده عن شكر الله تعالى، قال عز وجل: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ*ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلاتَجِدُأَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 16- 17]. ولا شك أن هذا تنبيه من الله تعالى للإنسان للتوقي والحذر من إبليس ووسائله التي يصد بها الناس عن الصراط المستقيم، ومن هذا التنبيه شكر الله تعالى على نعمه وآلائه. ويعلق سيد حول هذه الآية فيقول: وهنا يعلن إبليس في تبجح خبيث، وقد حصل على قضاء بالبقاء الطويل أنه سيرد على تقدير الله تعالى له الغواية وإنزالها به بسبب معصيته وتبجحه بأن يغوي ذلك المخلوق الذي كرمه الله عز وجل، والذي بسببه كانت مأساة إبليس ولعنه وطرده! ويجسم هذا الإغواء بقوله الذي حكاه القرآن الكريم عنه: ﴿ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ﴾ إنه سيقعد لآدم وذريته على صراط الله المستقيم يصد عنه كل من يهم منهم باجتيازه والطريق إلى الله عز وجل لا يمكن أن يكون حساً فالله سبحانه جل عن التحيز فهو إذن طريق الإيمان والطاعات المؤدي إلى رضى الله تعالى، وإنه سيأتي البشر من كل جهة: ﴿ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ﴾ للحيلولة بينهم وبين الإيمان والطاعة، وهو مشهد حي شاخص متحرك لإطباق إبليس على البشر في محاولته الدائبة لإغوائهم فلايعرفون الله تعالى ولا يشكرونه؛ اللهم إلا القليل الذي يفلت ويستجيب: ﴿ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ ويجيء ذكر الشكر تنسيقاً مع ما سبق في مطلع السورة: ﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ لبيان السبب في قلة الشكر وكشف الدافع الحقيقي الخفي من حيلولة إبليس دونه، وقعوده على الطريق إليه! ليستيقظ البشر للعدو الكامن الذي يدفعهم عن الهدى وليأخذوا حذرهم حين يعرفون من أين هذه الآفة التي لا تجعل أكثرهم شاكرين! (قطب، في ظلال القرآن، ج 3، ص 198). إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم