أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السادسة والثمانون بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والثمانون بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي بعنوان: *وصف القرآن الكريم لحال أكثر الناس بأنهم لا يشكرون ثانياً: وصف الكثرة من الناس بأنهم لا يشكرون هو مدح للقلة على شكرهم لله تعالى، وهو أيضاً فضل ومنة من الله سبحانه عليهم بأن استحقوا مدح الله عز وجل لهم، وحول ذلك قال محمد سيد طنطاوي - يحفظه الله - في تفسيره عند قول الله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 243] هو إنصاف للقلة الشاكرة منهم ومديح لهم على استقامتهم وقوة إيمانهم وعلى نعمه الجزيلة وآلائه التي لا تحصى (طنطاوي، التفسير الوسيط، ج 1، ص 448). ثالثاً: يجب وجوباً لازماً على كل أحد إخلاص التوحيد لله تعالى شكراً على فضله وإحسانه ونعمه العديدة التي لا تعد ولا تحصى، وقال أبو السعود - رحمه الله - عند تفسير قوله تعالى: ﴿ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ﴾يوسف: 38] : ذلك التوحيدُ من فضل الله عز وجل علينا حيث أعطانا عقولاً ومشاعرَ نستعملها في دلائلِ التوحيد التي مهدها في الأنفس والآفاقِ، وقد أعطى سائرَ الناس أيضاً مثلها ولكن أكثرَهم لا يشكرون، أي: لا يصرِفون تلك القُوى والمشاعرَ إلى ما خُلقت له، ولا يستعملونها فيما ذكر من أدلة التوحيدِ الآفاقيةِ والأنفُسية والعقليةِ والنقلية (أبو السعود، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، ج 3، ص 436). رابعاً: الكثير من الناس يغفل عن نعم الله تعالى التي يرفل بها في كل لحظة وحين، ولذلك يجب على الإنسان أن يتذكر دائماً وأبداً وفي كل حين نعم الله تعالى عليه لأن تذكر هذه النعم دافع قوي لشكر المنعم سبحانه وتعالى. خامساً: إن من النعم العظيمة التي أنعم الله تعالى على الإنسان بها نعمة تعاقب الليل والنهار، وقد تمت الإشارة إليها في القرآن الكريم أكثر من مرة قال تعالى: ﴿ فَمَحَوْنَا آيَةَ الليل وَجَعَلْنَا آيَةَ النهار مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ [الإسراء: 12]، وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ﴾ [غافر: 61]، ولأهل التفسير حول هذه الآيات كلام جميل يؤكد على عظمة الخالق وقدرته وتدبيره وسعة رحمة الله تعالى وجزيل فضله وكمال قدرته وعظيم سلطانه وسعة ملكه ووجوب شكره. ومن ذلك ما بينه ابن عاشور - رحمه الله - حيث قال: فهما تكوينان عظيمان دالاّن على عظيم قدرة مُكونهما ومنظِّمهما، وجاعلهما متعاقبين فنيطت بهما أكثر مصالح هذا العالم ومصالح أهله؛ فمن هذه المصالح: أولها: حصول التعادل بين الضياء والظلمة والحرارةِ والبرودة لتكون الأرض لائقة بمصالح مَن عليها فتنبت الكلأ وتنضج الثمار. ثانيها: سكون الإِنسان والحيوان في الليل لاسترداد النشاط العصبي الذي يُعييه عمل الحواس والجسد في النهار؛ فيعود النشاط إلى المجموع العصبي في الجسد كله وإلى الحواس، ولولا ظلمة الليل لكان النوم غير كامل فكانَ عود النشاط بطيئاً وواهناً ولعاد على القوة العصبية بالانحطاط والاضمحلال في أقرب وقت فلم يتمتع الإنسان بعمر طويل. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم