أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السابعة والسبعون بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والسبعون بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي بعنوان: * وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم أحبتي في الله أردت من خلال هذا الجهد المتواضع أن أذكر بموضوع ذو أهمية بالغة في حياتنا حيث أمر الله تعالى أن يشتغل العبد به في سائر أحواله ويكون ديدنه في جل أوقاته وهذا الأمر هو شكر النعم. والمتمعن في قول الباري سبحانه وتعالى يجد أن الشكر عليه مدار التكليف، فالعبد إذا امتثل لأمر ربه واجتنب نهيه فقد شكر لله، لذلك نجد أن إبليس لما توعد ابن آدم بالغواية قال (وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ.)،وقال الله تعالى : {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} وهذه الفئة القليلة هي التي أذعنت لله تعالى وخالفت ظن إبليس قال الله تعالى : {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.} سبأ20. فكل عمل خير يصدر من العبد مع النية الطيبة لله تعالى فهو شكر، وكل شر يصدر من العبد فهو كفر، والناس يتفاوتون في درجة الشكر، وفي دركة الكفر. فواجبنا كمسلمين أن نشكر لله على ما أنعم علينا من نعم وما أولانا به من منن لا تعد ولا تحصى، ونحن على يقين أن الله تعالى قد من علينا بهذه المنن لينظر أنشكر أم نكفر، فمن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم. والشكر لا يكون إلا بما بينه الله ووضحه رسوله ومصطفاه عليه أفضل وأزكى صلاة الله، فنعم المولى مولانا الذي ينعم ويبين سبيل المحافظة على النعم، فينبغي لنا أن نقابل آلاء الله علينا بالشكر والعرفان. *تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة : الجزاء من جنس العمل. الرخاء: سعة العيش و طيبه وهنائه , ولا يكون العيش هنيئاً طيباً إلا بتوفر أسبابه من صحة ومال وأمن وعافية. روى الإمام أحمد في مسنده عن إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلَاثَةٌ وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلَاثَةٌ مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ الْمَرْأَةُ السُّوءُ وَالْمَسْكَنُ السُّوءُ وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ ) إسناده صحيح. إن الله عز وجل يريد لعباده الحياة الطيبة , يريد لهم الصحة والعافية يريد لهم رغد العيش وسعته، ولكن سن سننا لا تتبدل ولا تتغير، ومنها أن حفظ هذه النعم لا يكون إلا بشكره وذكره فيها وتسخيرها في مرضاته، بل جعل لمن اتبع رضوانه فيها الجزاء العظيم، وما دام الجزاء من جنس العمل فمن تعرف إلى الله بهذه النعم في حال رخائه أولاه الله بحفظها عليه وزاده خيرا منها وهو أن الله يطلع على هذا العبد حين تحل به ضائقة, في وقت يكون فيه العبد أحوج ما يكون إلى الفرج. *كيف يتعرف العبد لربه بهذه النعم ؟ أولا نعمة المال : فنعمة المسكن والمركب وغيرها من متطلبات الحياة لا تتوفر إلا بالمال، فالمال قوام هذه الحياة كما قال الباري سبحانه وتعالى : {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا} النساء 5، ومعنى قياماً: القيام: ما يقوم به الشيء فالأموال جعلها الله تعالى تقوم عليها معايش الناس الدنيوية والدينية، لذلك المولى تبارك وتعالى حث على الكسب والتكسب فقال: { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} الملك 15، فطلب الله من عباده أن يسيروا في أرجاء هذا الكون الفسيح ويبحثوا ويخرجوا ما أودع الله فيه من نعم، والتسابق اليوم في هذا المجال بلغ أوجه حيث جعل الذين لا يحركون له سكنا ضعفاء متأخرين، والله عز وجل يلوم على الكسل الذي كان يتعوذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم صباحا مساء. العلم والعمل: وقال جل وعلا: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ } الأنبياء80، علمناه: ضرورة العلم، صنعة: المهنة والعمل، فمن لوازم شكر النعم تعلم الصناعات والمهن التي لا بد منها لحياة البشر، بل من الواجب إتقانها والتفنن فيها قال جل وعلا : { وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ، أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} سبأ11 قدر: ضرورة إتقان العمل بلا زيادة ولا نقصان تخرجه عن جماله وكماله، فالله جميل يحب الجمال في كل شيء مشروع، وهو تعالى بصير بما يصنع عباده رقيب على أعمالهم فينبغي على العامل أن يستشعر هذه الرقابة من الله تعالى حتى يؤدي عمله على أكمل وأحسن وجه فيكون صاحبه صالحاً مصلحاً. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم