أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثامنة والخمسون بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة والخمسون بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي بعنوان: * من لم يشكر العبد لا يشكر الله وألا تُبطِرَه النِّعَم، ويُداخِلَه الغُرُور، ويُوسوِسَ له الشيطانُ بأنه أفضلُ مِن غيرِه بهذه النِّعَم، وأنه ما خُصَّ بها إلا لمزِيَّةٍ على مَن سِواه. وليعلَم أن الله يبتَلِي بالخيرِ والشرِّ؛ ليعلمَ الشاكِرين والصابِرِين، والإيمانُ نِصفُه شُكرٌ، ونِصفُه صبرٌ، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ [لقمان: 31]. وكتبَت عائشةُ – رضي الله عنها – لمُعاوية – رضي الله عنه -: “إن أقلَّ ما يجِبُ للمُنعِم على مَن أنعمَ عليه ألا يجعلَ ما أنعَمَ عليه سبِيلًا إلى معصِيَتِه”. وفوقَ مرتبة الشُّكر على النِّعَم: الشُّكرُ على المصائِبِ والشُّرور، والحمدُ لله على المكرُوهات التي تُصيبُ المُسلم، والتي لا يقدِرُ على دفعِها. وأهلُ هذه المنزِلة أولُ مَن يُدعَى لدخول الجنة؛ لأنهم حمَّادُون على كل حالٍ، وقد أمرَنا ربُّنا – عزَّ وجل – بشُكرِه فقال: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152]، وقال تعالى: ﴿وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6]، وقال تعالى: ﴿وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [البقرة: 172]. وقال النبيُّ – صلى الله عليه وسلم -: «أحِبُّوا اللهَ لما يغذُوكم به مِن نعمِه»؛ رواه الترمذي وصحَّحه مِن حديثِ ابن عباسٍ – رضي الله عنهما -. وأعظمُ الشُّكر: الإيمانُ بربِّ العالمين؛ فهو شُكرُ نعمة رسالةِ مُحمدٍ – صلى الله عليه وسلم -، التي أرسلَه بها رحمةً للناس، ويأتي بعدَها شُكرُ كل نعمةٍ بخصُوصِها إلى أصغَر نعمةٍ، وليس في نعمِ الله صغِير. وأعظمُ كُفرٍ للنِّعَم: الكُفرُ بالقرآن والسنة، ولا ينفعُ شُكرٌ لأي نعمةٍ مع الكُفر بالإسلام، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [المائدة: 5]. وقد وعدَ الله الشاكِرين بدوامِ النِّعَم وزيادتها وبركاتها، قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: 7]. والشاكِرُون هم الفائِزُون بخَيرَي الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: ﴿وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 144]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 145]. والشاكِرُون هم النَّاجُون مِن عقوباتِ الدنيا وشُرُورها، ومِن كُرُبات الآخرة، قال الله تعالى في قصةِ قوم لُوط: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ﴾ [القمر: 34، 35] والشُّكرُ مقامُ الأنبِياء والمُرسَلين – عليهم الصلاة والسلام – وعبادِ الله المُؤمنين، قال تعالى عن نُوحٍ – عليه الصلاة والسلام -: ﴿إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا﴾ [الإسراء: 3]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [النحل: 120، 121]، وقال تعالى: ﴿يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [الأعراف: 144]. وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: كان النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – يقومُ مِن الليل حتى تتفطَّر قدَمَاه، فقالت: يا رسولَ الله! تقومُ مِن الليل حتى تتفطَّر قدَمَاك، وقد غفرَ الله لك ما تقدَّمَ مِن ذنبِك وما تأخَّرَ؟! قال: «أفلا أكونُ عبدًا شَكُورًا؟!»؛ رواه البخاري ومسلم. والشاكِرُون هم أهل نعمِ الله الذين يخُصُّهم بما لا يخُصُّ غيرَهم، قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ [الأنعام: 53]. والشاكِرُون هم خاصَّةُ الله مِن خلقِه، لذلك كانُوا قليلًا، قال الله تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾[سبأ: 13]. أيها الشاكِر! دُم على الشُّكر والاستِقامة؛ فمَن وفَّى مع الله وفَّى الله له، قال الله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ [البقرة: 40]. [الأنترنت – موقع - أعظم الشكر ما كان لله.. "وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ"] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم