أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الخمسون بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخمسون بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *الشكر... قيد النعم الله أرحمُ بعباده من الوالدة بولدها، وأفرحُ بتوبة التائب من الفاقد لراحلته - التي عليها طعامه وشرابه في الأرض المهلكة - إذا وجدها، وأشكرُ للقيل من جميع خلقهفمن تقرَّب إليه بمثقال ذرَّة من الخير شكرها وحمدها (إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ). أفاض على خلقه النعمة، وكتب على نفسه الرحمة، وضمن الكتاب الذي كتبه: أنَّ رحمته تغلب غضبه(إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) يُطاع فيشكر، وطاعته من توفيقه وفضله، ويُعصى فيحلُم ، ومعصية العبد من ظلمه وجهله، ويتوب إليه فاعل القبيح فيغفر له، حتى كأنه لم يكن قطٌّ من أهله (إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) الحسنة عنده بعشر أمثالها أو يضاعفها بلا عددٍ, ولا حسبان، والسيئة عنده بواحدة ومصيرها-إن شاء ربنا- إلى العفو والغفران، وباب التوبة مفتوح لديه منذ خلق السموات والأرض إلى آخر الزمان (إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) بابه الكريم مناخ الآمال ومحطٌّ الأوزار، وسماء عطاه لا تقلع عن الغيث، بل هي مدرار، ويمينه ملأى لا تغيضها نفقة، سحَّاء الليل والنهار {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ}. [عن:صلاح الأمة للعفاني] *الله - عز وجل - هو الشكور على الحقيقة: "والله - عز وجل - أولى بصفة الشكر من كلِّ شكور، بل هو الشكور على الحقيقة فإنه يعطي العبد ويوفِّقه لما يشكره عليه، ويشكر القليل من العمل والعطاء فلا ييستقلّه أن يشكره، ويشكر الحسنة بعشر أمثالها إلى أضعافٍ, مضاعفة، ويشكر عبده بقوله بأن يُثني عليه بين ملائكته وفي مَلَئه، ويُلقي له الشكر بين عباده ويشكره بفعله، فإذا ترك له شيئًا أعطاه أفضل منه، وإذا بذل له شيئًا ردَّه عليه أضعافًا مضاعفة، وهو الذي وفَّقه للترك والبذل وشكره على هذا وذاك. ولمَّا عقر نبيٌّه سليمان الخيل غضبًا له إذ شغلته عن ذكره، فأراد أن لا تشغله مرة أخرى، أعاضه عنها متن الريح. ولما ترك الصحابة ديارهم وخرجوا منها في مرضاته أعاضهم عنها أن ملّكهم الدنيا وفتحها عليهم. ولما احتمل يوسف الصديق ضيق السجن، شكر له ذلك بأن مكَّن له في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء. ولما بذل الشهداء أبدانهم له حتى مزَّقها أعداؤه شكر لهم ذلك بأن أعاضهم منها طيرًا خضرًا أقرَّ أرواحهم فيها، تَرِدُ أنهارَ الجنة، وتأكل من ثمارها إلى يوم البعث، فيردٌّها عليهم أكمل ما تكون وأجمله وأبهاه. ولما بذل رُسُلُه أعراضهم فيه لأعدائهم فنالوا منهم وسبٌّوهم أعاضهم من ذلك بأن صلَّى عليهم هو وملائكته، وجعل لهم أطيب الثناء في سماواته وبين خلقه، فأخلصهم بخالصةٍ, ذكرى الدار. ومن شكره - سبحانه -: أنه يجازي عدوَّه بما يفعله من الخير والمعروف في الدنيا، ويخفِّف به عنه يوم القيامة فلا يُضيِّع عليه ما يعمله من الإحسان، وهو من أبغض خلقه إليه!! ومن شكره: أنه غفر للمرأة البغي بسقيها كلبًا كان قد جهده العطش حتى أكل الثرى، وغفر لآخر بتنحيته غصن شوكٍ, عن طريق المسلمين. فهو - سبحانه - يشكر العبد على إحسانه لنفسه، والمخلوق إنما يشكرُ من أحسن إليه. وأبلغ من ذلك أنه - سبحانه - هو الذي أعطى العبد ما يُحسن به إلى نفسه، وشكره على قليله بالأضعاف المضاعفة التي لا نسبة لإحسان العبد إليها. فهو المحسن بإعطاء الإحسان وإعطاء الشكر. فمن أحقٌّ باسم الشكور منه - سبحانه -؟! ومن شكره - سبحانه -: أنه يُخرج العبد(المؤمن) من النار بأدنى ذرَّة من خير، ولا يُضيِّع عليه هذا القدر. ومن شكره - سبحانه -: أن العبد من عباده يقوم له مقامًا يُرضيه بين الناس فيشكر له، ويُنَوِّه بذكره، ويُخبر به ملائكته وعباده المؤمنين. كما شكر لمؤمن آل فرعون ذلك المقام، وأثنى عليه، ونوَّه بذكره بين عباده. وكذلك شكره لصاحب يس مقامه ودعوته إليه، فلا يهلك عليه بين شكره ومغفرته إلا هالك".[عُدَّة الصابرين وذخيرة الشاكرين لابن القيم، ص279 – 280] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم