أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الأربعون بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الأربعون بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: * حياة السائرين إلى الله.. بين الشكر والصبر *الايمان والصبر لعل ما يضفي على حياة السائرين إلى الله جمالاً يسمو بمعانيها، وجلالاً يرتقي بدلالاتها، وثقة ربما وضعتها على ضفاف الكمال، أن العبد السائر إلى الله يراوح بين مقامين جليلين عظيمين، كل مقام منهما يمثل عبادة عظيمة، ودرجة رفيعة، لا يفتأ العبد السائر يحط رحاله مرة هنا، ومرة هناك، وهما مقامان يحتلان مرتبة في السمو واحدة، فهو لا ينزل من مرتبة إلى مرتبة، بل ينتقل من مرتبة إلى مرتبة، إنهما مقاما عبادة الصبر وعبادة الشكر. عبادة الصبر تصقل النفس وتروضها، وعبادة الشكر تهذب الروح وتسجدها في محراب الإيمان الخالص.. كم تبدو حياة السائرين يباباً لا زرع فيها، وجدباً لا ماء فيها، وظلمة لا نور يشع في نواحيها. حين يتضاءل مقام من هذين المقامين العظيمين في حياة السائرين إلى الله، نعم، حين لا يأخذ كلا المقامين نصيبهما، ويحتلان المساحة اللازمة لهما، في حياة السائرين، فإن موازين السير تختل، كما أن الإيمان سيعتوره نقص واهتزاز. غياب الصبر يعني الضجر وربما الخروج عن مقتضيات أدب السائرين، في حظرة رب العالمين، كما أن غياب الشكر يضعك على حافة فقدان النعم، لأنها تدوم بالشكر، وتزول بزواله. بين الصبر الذي يشكل قاعدة صلبة من قواعد النجاة، وبين الشكر الذي يشكل ذروة في عبودية خالصة- لا ترى نفسك في نعمة أنعم بها المولى- سبحانه وتعالى- عليك، فترى الشاكر ساجد اللسان والجبين في محراب العبودية، بين الصبر والشكر تستشعر لذة المسير إليه، وحلاوة الطاعة بين يديه، وتأنس في القرب منه، وتشتاق لمناجاتهومجالسته. نعم إنهما مقامان يجعلان من حياتك حياة، ومن مسيرك جنة، ألم تقف على خبر الأول الذي أخبرنا عن حاله في مسيره، حين جلس مع أصحابه على ضفاف نهر دجلة، وقد اغترفوا منه بعض مائه، وغمسوا فيها كسيرات من خبز بين أيديهم أكلوها.. فقال بعدها: لو يعلم الملوك ما نحن فيه من سعادة لجالدونا عليها بالسيوف. سعادة تملأ النفس، وطمأنينة تملأ القلب، وهناءة تملأ العين. لا تُشترى بأموال أو بملك، ولا بجاه أو سلطان.. لا سبيل إلى سعادة النفس وطمأنينة القلب إلا بالتقلب بين هذين المقامين الجليلين، مقام الصبر وهو شطر الإيمان، ومقام الشكر. ما أريد تأكيده أن الحالة التي يعيشها كثير من الناس في أيامنا هذه، من شدة وضيق وضنك، إنما هي ثمار مرة لخلو مقام الصبر ومقام الشكر من الماكثين بهما، أو حتى الزائرين لهما، فلن تستقيم لنا حياة، حتى تعود الحياة لهذين المقامين العظيمين. فعن أي صلاة مقبولة نتحدث وقد غاب عن الصبر بكل معانيه ودلالته، والشكر بكل أحواله، وكذا الأمر مع الصيام والحج والزكاة وغيرها من الأركان والطاعات والعبادات. صيامنا بدون الصبر مصيبة عظيمة، تتحول من مدرسة للطاعة والعبادة وسمو الإيمان، إلى حلبة صراع وحدة وغضب، فيا للهول إن كان الطعام ينقصه ملح، أو أن أحدهم أزعج قيلولته. باختصار غير مخل لا معنى لكل عباداتك إن أديتها وأنت خارج مقام الصبر، ولا معنى لمسيرك كله إن سرته غير متفيئ ظلال مقام الشكر. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم