أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثامنة والثلاثون بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *بيان تمييز ما يحبه الله تعالى عن ما يكرهه فأما تفسير الآية ومعنى لفظها فيعرفه كل من يعرف اللغة وبهذا يتبين لك الفرق بين المعنى والتفسير فإن قلت فقد رجع حاصل هذا الكلام إلى أن الله تعالى حكمه فى كل شىء وأنه جعل بعض أفعال العباد سببا لتمام الحكمة وبلوغها غاية المراد منها وجعل بعض أفعالها مانعا من تمام الحكمة فكل فعل وافق مقتضى الحكمة حتى انساقت الحكمة إلى غايتها فهو شكر وكل ما خالف ومنع الأسباب من أن تنساق إلى الغاية المرادة بها فهو كفران وهذا كله مفهوم ولكن الإشكال باق وهو أن فعل العبد المنقسم إلى ما يتمم الحكمة وإلى ما يرفعها هو أيضا من فعل الله تعالى فاين العبد فى البين حتى يكون شاكرا مرة وكافرا أخرى فاعلم أن تمام التحقيق فى هذا يستمد من تيار بحر عظيم من علوم المكاشفات وقد رمزنا فيما سبق إلى تلويحات بمباديها ونحن الآن نعبر بعبارة وجيزة عن آخرها وغايتها يفهمها من عرف منطق الطير ويجحدها من عجز عن الإيضاع فى السير فضلا عن أن يجول فى جو الملكوت جولان الطير فنقول أن الله عز وجل فى جلاله وكبريائه صفة عنها يصدر الخلق والاختراع وتلك الصفة أعلى وأجل من أن تلمحها عين واضع اللغة حتى يعبر عنها بعبارة تدل على كنه جلالها وخصوص حقيقتها فلم يكن لها فى العالم عبارة لعلو شأنها وانحطاط رتبة واضعى اللغات عن أن يمتد طرف فهمهم إلى مبادى إشراقها فانخفضت عن ذروتها أبصارهم كما تنخفض أبصار الخفافيش عن نور الشمس لا لغموض فى نور الشمس ولكن لضعف فى أبصار الخفافيش فاضطر الذين فتحت أبصارهم لملاحظة جلالها إلى أن يستعيروا من حضيض عالم المتناطقين باللغات عبارة تفهم من مبادى حقائقها شيئا ضعيفا جدا فاستعاروا لها اسم القدرة فتجاسرنا بسبب استعارتهم على النطق فقلنا لله تعالى صفة هى القدرة عنها يصدر الخلق والاختراع ثم الخلق ينقسم فى الوجود إلى أقسام وخصوص صفات ومصدر انقسام هذه الأقسام واختصاصها بخصوص صفاتها صفة اخرى استعير لها بمثل الضرورة التى سبقت عبارة المشيئة فهى توهم منها أمرا محملا عند المتناطقين باللغات التى هى حروف وأصوات المتفاهمين بها وقصور لفظ المشيئة عن الدلالة على كنه تلك الصفة وحقيقتها كقصور لفظ القدر ثم انقسمت الأفعال الصادرة من القدرة إلى ما ينساق إلى المنتهى الذى هو غاية حكمتها وإلى ما يقف دون الغاية وكان لكل واحد نسبة إلى صفة المشيئة لرجوعها إلى الاختصاصات التى بها تتم القسمة والاختلافات فاستعير لنسبة البالغ غايته عبارة المحبة واستعير لنسبة الواقف دون غايته عبارة الكراهة وقيل إنهما جميعا داخلان فى وصف المشيئة ولكن لكل واحد خاصية أخرى فى النسبة يوهم لفظ المحبة والكراهة منهما أمرا مجملا عند طالبى الفهم من الألفاظ واللغات إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم