أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الخامسة والثلاثون بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *بيان تمييز ما يحبه الله تعالى عن ما يكرهه وكذلك الأطعمة خلقت ليتغذى بها أو يتداوى بها فلا ينبغى أن تصرف على جهتها فإن فتح باب المعاملة فيها يوجب تقييدها فى الأيدى ويؤخر عنها الأكل الذى أريدت له فما خلق الله الطعام إلا ليؤكل والحاجة إلى الأطعمة شديدة فينبغى أن تخرج عن يد المستغنى عنها إلى المحتاج ولا يعامل على الأطعمة إلا مستغن عنها إذ من معه طعام فلم لا يأكله إن كان محتاجا ولم يجعله بضاعة تجارة وإن جعله بضاعة تجارة فليبعه ممن يطلبه بعوض غير الطعام يكون محتاجا إليه فأما من يطلبه بعين ذلك الطعام فهو أيضا مستغن عنه ولهذا ورد فى الشرع لعن المحتكر وورد فيه من التشديدات ما ذكرناه فى كتاب آداب الكسب نعم بائع البر بالتمر معذور إذ أحدهما لا يسد مسد الآخر فى الغرض وبائع صاع من البر بصاع منه غير معذور ولكنه عابث فلا يحتاج إلى منع لأن النفوس لا تسمح به إلا عند التفاوت فى الجودة ومقابلة الجيد بمثله من الردىء لا يرضى بها صاحب الجيد وأما جيد برديئين فقد يقصد ولكن لما كانت الأطعمة من الضروريات والجيد يساوى الردىء فى أصل الفائدة ويخالفه فى وجوه التنعم أسقط الشرع غرض التنعم فيما هو القوام فهذه حكمه الشرع فى تحريم الربا وقد انكشف لنا هذا بعد الإعراض عن فن الفقه فلنلحق هذا بفن الفقهيات فإنه أولى من جميع ما أوردناه فى الخلافيات وبهذا يتضح رجحان مذهب الشافعى رحمه الله فى التخصص بالأطعمة دون المكيلات إذ لو دخل الجص فيه لكانت الثياب والدواب أولى بالدخول ولولا الملح لكان مذهب مالك رحمه الله أقوم المذاهب فيه إذ خصصه بالأوقات ولكن كل معنى يرعاه الشرع فلا بد أن يضبط بحد وتحديد هذا كان ممكنا بالقوت وكان ممكنا بالمطعوم فرأي الشرع التحديد بجنس المطعوم أخرى لكل ما هو ضرورة البقاء وتحديدات الشرع قد تحيط بأطراف لا يقوى فيها أصل المعنى الباعث على الحكم ولكن التحديد يقع كذلك بالضرورة ولو لم يحد لتحير الخلق فى أتباع جوهر المعنى مع اختلافه بالأحوال والأشخاص فعين المعنى بكمال قوته يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص فيكون الحد ضروريا فلذلك قال الله تعالى {ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } ولأن أصول هذه المعانى لا تختلف فيها الشرائع وإنما تختلف فى وجوه التحديد كما يحد شرع عيسى ابن مريم عليه السلام تحريم الخمر بالسكر وقد حده شرعنا بكونه من جنس المسكر لأن قليله يدعو إلى كثير والداخل فى الحدود داخل فى التحريم بحكم الجنس كما دخل أصل المعنى بالجملة الأصلية فهذا مثال واحد لحكمه خفية من حكم النقدين فينبغى أن يعتبر شكر النعمة وكفرانها بهذا المثال فكل ما خلق لحكمة فينبغى أن يصرف عنها ولا يعرف هذا إلا من قد عرف الحكمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم