أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية والثلاثون بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والثلاثون بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي بعنوان: *بيان تمييز ما يحبه الله تعالى عن ما يكرهه اعلم أن فعل الشكر وترك الكفر لا يتم إلا بمعرفة ما يحبه الله تعالى عما يكرهه اذ معنى الشكر استعمال نعمه تعالى في محابة ومعنى الكفر نقيض ذلك اما بترك الاستعمال او باستعمالها في مكارهه ولتمييز ما يحبه الله تعالى مما يكرهه مدركان احدهما السمع ومستنده الآيات والاخبار والثاني بصيرة القلب وهو النظر بعين الاعتبار وهذا الاخير عسير وهو لاجل ذلك عزيز فلذلك ارسل الله تعالى الرسل وسهل بهم الطريق على الخلق ومعرفة ذلك تنبني على معرفة جميع احكام الشرع في افعال العباد فمن لا يطلع على احكام الشرع في جميع افعاله لم يمكنه القيام بحق الشكر اصلا واما الثاني وهو النظر بعين الاعتبار فهو ادراك حكمة الله تعالى في كل موجود خلقه اذ ما خلق شيئا في العالم الا وفيه حكمة وتحت الحكمة مقصود وذلك المقصود هو المحبوب وتلك الحكمة منقسمة الى جلية وخفية اما الجلية فكالعلم بان الحكمة في خلق الشمس ان يحصل بها الفرق بين الليل والنهار فيكون النهار معاشا والليل لباسا فتتيسر الحركة عند الابصار والسكون عند الاستتار فهذا من جملة حكم الشمس لا كل الحكم فيها بل فيها حكم اخرى كثيرة دقيقة وكذلك معرفة الحكمة في الغيم ونزول الأمطار وذلك لانشقاق الارض بأنواع النبات مطعما للخلق ومرعي للأنعام وقد انطوى القرآن على جملة من الحكم الجليلة التي تحتملها افهام الخلق دون الدقيق الذي يقصرون عن فهمه اذ قال تعالى أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الارض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا الآية وأما الحكمة في سائر الكواكب السيارة منها والثوابت فخفية لا يطلع عليها كافة الخلق والقدر الذي يحتمله فهم الخلق انها زينة للسماء لتستلذ العين بالنظر اليها وأشار اليه قوله تعالى إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب فجميع اجزاء العالم سماؤه وكواكبه ورياحه وبحاره وجباله ومعادنه ونباته وحيواناته وأعظاء حيواناته لا تخلو ذرة من ذراته عن حكم كثيرة من حكمة واحدة الى عشرة الى الف الى عشرة آلاف وكذا اعضاء الحيوان تنقسم الا ما يعرف حكمتها كالعلم بان العين للإبصار لا للبطش واليد للبطش لا للمشي والرجل للمشي لا للشم فاما الاعضاء الباطنة من الامعاء والمرارة والكبد والكلية وآحاد العروق والاعصاب والعضلات وما فيها من التجاويف والالتفاف والاشتباك والانحراف والدقة والغلظ وسائر الصفات فلا يعرف الحكمة فيها سائر الناس والذين يعرفونها لا يعرفون منها إلا قدرا يسيرا بالاضافة الى ما في علم الله تعالى وما أوتيتم من العلم الا قليلا فإذن كل من استعمل شيئا في جهة غير الجهة التي خلق لها ولا على الوجه الذي اريد به فقد كفر فيه نعمة الله تعالى فمن ضرب غيره بيده فقد كفر نعمة اليد اذ خلقت له اليد ليدفع بها عن نفسه ما يهلكه ويأخذ ما ينفعه لا ليهلك بها غيره ومن نظر الى وجه غير المحرم فقد كفر نعمة العين ونعمة الشمس اذ الابصار يتم بهما وانما خلقتا ليبصر بهما ما ينفعه في دينه ودنياه ويتقي بهما ما يضره فيهما فقد استعملها في غير ما اريد به وهذا لان المراد من خلق الخلق وخلق الدنيا وأسبابها ان يستعين الخلق بهما على الوصول الى الله تعالى ولا وصول اليه الا بمحبته والانس به في الدنيا والتجافي عن غرور الدنيا ولا انس إلا بدوام الذكر ولا محبة إلا بالمعرفة الحاصلة بدوام الفكر ولا يمكن الدوام على الذكر والفكر إلا بدوام البدن ولا يبقى البدن إلا بالغذاء ولا يتم الغذاء إلا بالأرض والماء والهواء ولا يتم ذلك إلا بخلق السماء والأرض وخلق سائر الأعضاء ظاهرا وباطنا فكل ذلك لأجل البدن والبدن مطية النفس والراجح إلى الله تعالى هى النفس المطمئنة بطول العبادة والمعرفة فلذلك قال تعالى {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق }الآية إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم