أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية والعشرون بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والعشرون بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: * لغة الشكر خير من لغة الشكوى شكر الله تعالى ... هو عرفان النعمة من المنعم، وحمده عليها، واستعمالها في مرضاته. وهو من خلال الكمال، وسمات الطِّيبَة والنبل، وموجبات ازدياد النِّعم واستدامتها. والشكر واجب مقدس للمنعم المخلوق، فكيف بالمنعم الخالق، الذي لا تحصى نَعماؤه ولا تُعدّ آلاؤه. والشكر بعد هذا من موجبات الزلفى والرضا من المولى عز وجل، ومضاعفة نعمه وآلائه على الشكور. والشكر لا يجدي المولى عز وجل، لاستغنائه المطلق عن الخلق، وإنما يعود عليهم بالنفع، لإعرابه عن تقديرهم للنعم الإلهية واستعمالها في طاعته ورضاه، وفي ذلك سعادتهم وازدهار حياتهم. عن مضارب بن حزن قال: بينا أنا أسير من الليل إذا رجل يكبر، فألحقته بعيري، فقلت: من هذا المكبر؟ قال: أبو هريرة، قلت: ما هذا التكبير؟ قال: شكرا. قلت: على مه؟ قال: على أني كنت أجيرا لبُسرة بنت غزوان بعقبة رجلي وطعام بطني، فكان القوم إذا ركبوا سقت لهم، وإذا نزلوا خدمتهم، فزوجنيها الله فهي امرأتي اليوم، فإذا ركب القوم ركبت، وإذا نزلوا خُدمت. ومَن قرأ كتابَ الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بروحِ الشكر العارِفةِ بالله المعترفةِ بفضلِه ورحمتِه؛ كان أسعدَ الناسِ قلباً وأقواهم يقيناً وأعظمهم ثناءً وحمداً. يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: (الشاكرون أطيب الناس نفوساً،وأشرحهم صدوراً، وأقرهم عيوناً ، فإن قلوبهم ملآنة من حمده والاعتراف بنعمه، والاغتباط بكرمه، والابتهاج بإحسانه، وألسنتهم رطبة في كل وقت بشكره وذكره، وذلك أساس الحياة الطيبة، ونعيم الأرواح، وحصول جميع اللذائذ والأفراح، وقلوبهم في كل وقت متطلعة للمزيد، وطمعهم ورجاؤهم في كل وقت بفضل ربهم يقوى ويزيد) قال بن عيينة: كان لابن المنكدر جار مبتلى، فكان محمد إذا رفع جاره صوته بالبلاء، رفع صوته بالحمد. وقال غسان بن المفضل الغلابي: حدثني بعض أصحابنا قال: جاء رجل إلى يونس بن عبيد فشكا إليه ضيقا من حاله ومعاشه واغتماما بذلك، فقال: أيسرك ببصرك مائة ألف؟ قال: لا. قال: فبسمعك؟ قال: لا. قال: فبلسانك؟ قال: لا. قال: فبعقلك؟ قال: لا. في خلال، وذكره نعم الله عليه، ثم قال يونس أرى لك مائين ألوفا وأنت تشكو الحاجة؟! ولله دَرُّ صاحبِ الظِّلالِ حينَ قال: «مِنْ رَحمةِ الله أنْ تُحِسَّ بِرَحمةِ الله؛ فرحمةُ اللهِ تَضُمُّك وتَغْمُرُك وتَفِيضُ عَلَيْك؛ولَكِنْ شُعُورُك بِوُجودِها هو الرَّحمةُ، ورَجاؤك فيها وتَطَلُّعُك إليها هو الرَّحمةُ، وثِقَتُك بها وتَوَقُّعُها في كلِّ أمْرٍ هو الرَّحمة... ورَحمةُ اللهِ لا تَعِزُّ على طالبٍ في أيِّ مكانٍ وفي أيِّ حالٍ؛ وَجَدَها إبراهيمُ –عليه السلام- في النارِ، ووَجَدَها يوسف -عليه السلام- في الْجُبِّ كما وَجَدَها في السِّجن. ووَجَدَها يونسُ -عليه السلام- في بطنِ الْحُوتِ في ظُلُماتٍ ثلاث. وَوَجَدَها موسى -عليه السلام- في اليَمِّ وهو طِفْلٌ مُجَرَّدٌ مِنْ كلِّ قُوةٍ ومِن كلِّ حِراسةٍ، كما وَجَدَها في قَصرٍ فرعون وهو عَدُوٌّ له مُتَرَبِّصٌ به ويَبحثُ عنه. ووَجَدَها أصْحابُ الكهفِ في الكهفِ حين افْتَقَدُوها في القُصُورِ والدُّورِ، فقال بعضُهم لِبَعضٍ: {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته}[الكهف:16] ووَجَدَها رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وصاحبُه في الغارِ والقومُ يتبعونَهما ويَقُصُّون الآثار، ووَجَدَها كلُّ مَن آوَى إليها يائساً مِن كلِّ مَنْ سِواها؛ مُنقطِعاً مِن كلِّ شُبْهَةٍ في قُوةٍ ومِن كلِّ مَظِنَّةٍ في رَحمةٍ؛ قاصِداً بابَ اللهِ وَحْدَه دُونَ الأبواب». رأى بكر بن عبد الله المزني حمالاً عليه حمله وهو يقول: الحمد لله، استغفر الله، قال: فانتظرته حتى وضع ما على ظهره وقلت له: أما تحسن غير هذا؟ قال: بلى أحسن خيراً كثيرا،ً أقرأ كتاب الله، غير أن العبد بين نعمة وذنب، فأحمد الله على نعمه السابغة واستغفره لذنوبي. فقلت: الحمال أفقه من بكر. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم