أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السادسة بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: * الله سبحانه كما هو خالق الخلق فهو خالق ما به غناهم وفقرهم : والمقصود أنه سبحانه وتعالى خلق الغنى والفقر مطيتين للابتلاء والامتحان ولم ينزل المال لمجرد الاستمتاع به كما في المسند عنه قال: يقول الله تعالى: "إنا نزلنا المال لاقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو كان لابن آدم واد من مال لابتغى إليه ثانيا، ولو كان له ثان لابتغى له ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب " فأخبر سبحانه إنه أنزل المال ليستعان به على إقامة حقه بالصلاة واقامة حق عباده بالزكاة لا للاستمتاع والتلذذ كما تأكل الأنعام فإذا زاد المال عن ذلك أو خرج عن هذين المقصودين فإن الغرض والحكمة التي أنزل لها كان التراب أولى به فرجع هو والجوف الذي امتلأ به بما خلق له من الإيمان والعلم والحكمة فانه خلق لان يكون وعاء لمعرفة ربه وخالقه والإيمان به ومحبته وذكره وانزل عليه من المال ما يستعين به على ذلك فعطل الجاهل بالله وبأمر الله وبتوحيد الله وبأسمائه وصفاته جوفه عما خلق له وملأه بمحبة المال الفانى الذاهب الذي هو ذاهب عن صاحبه أو بالعكس وجمعه والاستكثار منه ومع ذلك فلم يمتلئ بل ازداد فقرا وحرصا إلى أن امتلأ جوفه بالتراب الذي خلق منه فرجع إلى مادته الترابية التي خلق منها هو وماله ولم تتكمل مادته بامتلاء جوفه من العلم والإيمان الذي بهما كماله وفلاحه وسعادته في معاشه ومعاده فالمال إن لم ينفع صاحبه ضره ولا بد وكذلك العلم والملك والقدرة كل ذلك إن لم ينفعه ضره فإن هذه الأمور وسائل لمقاصد يتوسل بها إليها في الخير والشر فإن عطلت عن التوسل بها إلى المقاصد والغايات المحمودة توسل بها إلى أضدادها. فأربح الناس من جعلها وسائل إلى الله والدار الآخرة وذلك الذي ينفعه في معاشه ومعاده، وأخسر الناس من توسل بها إلى هواه ونيل شهواته وأغراضه العاجلة فخسر الدنيا والآخرة، فهذا لم يجعل الوسائل مقاصد ولو جعلها كذلك لكان خاسرا لكنه جعلها وسائل إلى ضد ما جعلت له فهو بمثابة من توسل بأسباب اللذة إلى أعظم الآلام أدوائها. فالأقسام أربعة لا خامس لها : أحدها : معطل الأسباب معرض عنها الثاني : مكب عليها واقف مع جمعها وتحصيلها الثالث : متوصل بها إلى ما يضره ولا ينفعه في معاشه ومعاده ؛فهؤلاء الثلاثة في الخسران الرابع : متوصل بها إلى ما ينفعه في معاشه ومعاده وهو الرابح قال تعالى ﴿مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها نُوَفِّ إلَيْهِمْ أعْمالَهم فِيها وهم فِيها لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهم في الآخِرَةِ إلّا النّارُ وحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ وقد أشكل فهم هذه الآية على كثير من الناس حيث فهموا منها أن من كان له إرادة في الدنيا وزينتها فله هذا الوعيد ثم اختلفوا في معناها ؛ فقالت طائفة منهم : ابن عباس من كان يريد تعجيل الدنيا فلا يؤمن بالبعث ولا بالثواب ولا بالعقاب قالوا والآية في الكفار خاصة على قول ابن عباس. وقال قتادة : من كانت الدنيا همه وسدمه ونيته وطلبه جازاه الله في الدنيا بحسناته ثم يفضي إلى الآخرة وليس له حسنة يجازى بها. وأما المؤمن فيجزى في الدنيا بحسناته ويثاب عليها في الآخرة قال هؤلاء : فالآية في الكفار بدليل قوله ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهم في الآخِرَةِ إلّا النّارُ وحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ قالوا المؤمن من يريد الدنيا والآخرة فأما من كانت إرادته مقصورة على الدنيا فليس بمؤمن. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم