أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الخامسة بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي بعنوان: * الله سبحانه كما هو خالق الخلق فهو خالق ما به غناهم وفقرهم. فخلق الغنى والفقر ليبتلي بهما عباده أيهم أحسن عملا وجعلهما سببا للطاعة والمعصية والثواب والعقاب قال تعالى ﴿وَنَبْلُوكم بِالشَّرِّ والخَيْرِ فِتْنَةً وإلَيْنا تُرْجَعُونَ﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما بالشدة والرخاء والصحة والسقم والغنى والفقر والحلال والحرام وكلها بلاء وقال ابن يزيد : نبلوكم بما تحبون وما تكرهون لننظر كيف صبركم وشكركم فبما تحبون وما تكرهون وقال الكلبى بالشر بالفقر والبلاء والخير بالمال والولد فأخبر سبحانه أن الغنى والفقر مطيتا الابتلاء والامتحان وقال تعالى ﴿فَأمّا الإنْسانُ إذا ما ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأكْرَمَهُ ونَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أكْرَمَنِ وأمّا إذا ما ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أهانَنِ كَلاَّ﴾ فأخبر سبحانه أنه يبتلي عبده بإكرامه له وبتنعيمه له وبسط الرزق عليه كما يبتليه بتضييق الرزق وتقديره عليه وأن كليهما ابتلاء منه وامتحان ثم أنكر سبحانه على من زعم أن بسط الرزق وتوسعته إكرام من الله لعبده وأن تضييقه عليه اهانة منه له فقال كلا أي ليس الأمر كما يقول الإنسان بل قد أبتلى بنعمتي وأنعم ببلائى وإذا تأملت ألفاظ الآية وجدت هذا المعنى يلوح على صفحاتها ظاهرا للمتأمل وقال تعالى وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم وقال تعالى ﴿إنّا جَعَلْنا ما عَلى الأرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهم أيُّهم أحْسَنُ عَمَلًا﴾ فأخبر سبحانه أنه زين الأرض بما عليها من المال وغيره للابتلاء والامتحان كما أخبر أنه خلق الموت والحياة لذلك وخلق السماوات والأرض لهذا الابتلاء أيضا فهذه ثلاثة مواضع في القرآن يخبر فيها سبحانه أنه خلق العالم العلوي والسفلي وما بينهما وأجل العالم وأجل أهله وأسباب معائشهم التي جعلها زينة للأرض من الذهب والفضة والمساكن والملابس والمراكب والزروع والثمار والحيوان والنساء والبنين وغير ذلك كل ذلك خلقه للابتلاء والامتحان ليختبر خلقه أيهم أطوع له وارضى فهو الأحسن عملا وهذا هو الحق الذي خلق به وله السماوات والأرض وما بينهما وغايته الثواب والعقاب وفواته وتعطيله هو العبث الذي نزه نفسه عنه وأخبر أنه يتعالى عنه وأن ملكه الحق وتفرده بالإلهية وحده وبربوبية كل شيء ينفى هذا الظن الباطل والحساب الكاذب كما قال تعالى ﴿أفَحَسِبْتُمْ أنَّما خَلَقْناكم عَبَثًا وأنَّكم إلَيْنا لا تُرْجَعُونَ فَتَعالى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ لا إلَهَ إلّا هو رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ﴾ فنزه سبحانه نفسه عن ذلك كما نزهها عن الشريك والولد والصاحبة وسائر العيوب والنقائص من السنة والنوم واللغوب والحاجة واكتراثه بحفظ السماوات والأرض وتقدم الشفعاء بين يديه بدون إذنه كما يظنه أعداؤه المشركون يخرجون عن علمه جزئيات العالم أو شيئا منها فكما أن كماله المقدس وكمال أسمائه وصفاته يأبى ذلك ويمنع منه فكذلك يبطل خلقه لعباده عبثا وتركهم سدى لا يأمرهم ولا ينهاهم ولا يردهم إليه فيثيب محسنهم بإحسانه ومسيئهم باساءته ويعرف المبطلون منهم إنهم كانوا كاذبين ويشهدهم أن رسله وأتباعهم كانوا أولى بالصدق والحق منهم فمن أنكر ذلك فقد انكر إلهيته وربوبيته وملكه الحق وذلك عين الجحود والكفر به سبحانه كما قال المؤمن لصاحبه الذي حاوره في المعاد وأنكره ﴿أكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا﴾ فأخبر أن إنكاره للمعاد كفر بذات الرب سبحانه وقال تعالى وأن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا إنا لفى خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وذلك أن إنكار المعادي يتضمن إنكار قدرة الرب وعلمه وحكمته وملكه الحق وربوبيته والهيته كما أن تكذيب رسله وجحد رسالتهم يتضمن ذلك أيضا فمن كذب رسله وجحد المعاد فقد أنكر ربوبيته سبحانه ونفى أن يكون رب العالمين إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم