أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الرابعة بعد الثلاثمئة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة بعد الثلاثمائة في موضوع الشكور وهي بعنوان: * فكل من الصبر والشكر داخل في حقيقة الآخر ومما يوضح هذا أن الله سبحانه امتحن العبد بنفسه وهواه وأوجب عليه جهادهما في الله فهو في كل وقت في مجاهدة نفسه حتى تأتي بالشكر المأمور به ويصبر عن الهوى المنهي عن طاعته فلا ينفك العبد عنهما غنيا كان أو فقيرا معافى أو مبتلى وهذه هي مسألة الغني الشاكر والفقير الصابر أيهما أفضل وللناس فيها ثلاثة أقوال وهي التي حكاها أبو الفرج ابن الجوزي وغيره في عموم الصبر والشكر أيهما أفضل وقد احتجت كل فرقة بحجج وأدلة على قولها والتحقيق : أن يقال أفضلهما أتقاهما لله تعالى فإن فرض استوائهما في التقوى استويا في الفضل فإن الله سبحانه لم يفضل بالفقر والغنى كما لم يفضل بالعافية والبلاء وإنما فضل بالتقوى كما قال تعالى ﴿إنَّ أكْرَمَكم عِنْدَ اللَّهِ أتْقاكُمْ﴾ وقد قال لا فضل لعربي على عجمي ولا فضل لعجمي على عربي إلا بالتقوى الناس من آدم وآدم من تراب والتقوى مبنيه على أصلين الصبر والشكر وكل من الغني والفقير لا بد له منهما فمن كان صبره وشكره أتم كان أفضل فإن قيل فإذا كان صبر الفقير أتم وشكر الغني أتم فأيهما أفضل؟ قيل أتقاهما لله في وظيفته ومقتضى حاله ولا يصح التفضيل بغير هذا ألبتة فإن الغنى قد يكون أتقى لله في شكره من الفقير في صبره وقد يكون الفقير أتقى لله في صبره من الغنى في شكره فلا يصح أن يقال هذا بغناه أفضل ولا هذا بفقره أفضل ولا يصح أن يقال هذا بالشكر أفضل من هذا بالصبر ولا بالعكس لأنهما مطيتان للإيمان لا بد منهما بل الواجب أن يقال أقومهما بالواجب والمندوب هو الأفضل فإن التفضيل تابع لهذين الأمرين كما قال تعالى في الأثر الإلهي: "ما تقرب إلى عبدي بمثل مداومة ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه" فأي الرجلين كان أقوم بالواجبات وأكثر نوافل كان أفضل فإن قيل: فقد ثبت عن النبي أنه قال " يدخل فقراء أمتي الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم وذلك خمسمائة عام" قيل هذا لا يدل على فضلهم على الأغنياء في الدرجة وعلو المنزلة وأن سبقوهم بالدخول فقد يتأخر الغنى والسلطان العادل في الدخول لحسابه فإذا دخل كانت درجته أعلى ومنزلته أرفع كسبق الفقير القفل في المضائق وغيرها ويتأخر صاحب الاحمال بعده فإن قيل فقد قال النبي للفقراء لما شكوا إليه زيادة عمل الأغنياء عليهم بالعتق والصدقه:"ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه أدركتم به من سبقكم"فدلهم على التسبيح والتحميد والتكبيرعقب كل صلاة فلما سمع الأغنياء ذلك عملوا به فذكروا ذلك للنبي فقال: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء" وهذا يدل على ترجيح حال الغنى الشاكر قيل هذا حجة للقول الذي نصرناه وهو أن أفضلهما أكثرهما نوافل فإن استويا استويا وها هنا قد ساوى الأغنياء الفقراء في أعمالهم المفروضه والنافلة وزادوا عليهم بنوافل العتق والصدقه وفضلوهم بذلك فساووهم في صبرهم على الجهاد والأذى في الله والصبر على المقدور وزادوا عليهم بالشكر بنوافل المال فلو كان للفقراء بصبرهم نوافل تزيد على نوافل الأغنياء لفضلوهم بها فإن قيل: إن النبي عرضت عليه مفاتيح كنوز الدنيا فردها وقال: "بل اشبع يوما وأجوع يوما" [الأنترنت – موقع تفسير ابن قيّم الجوزيّة (الفرق بين الحمد والمدح) و (الصبر والشكر) ابن القيم] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم