أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الرابعة والثمانون بعد المئتين في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والثمانون بعد المئتين في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *في بيان تنازع الناس في الأفضل من الصبر والشكر هذا وأخبر سبحانه أن أهل الشكر هم المخصوصون بمنته عليهم من بين عباده فقال {وَكَذَلِكَ فَتَنّا بَعْضَهم بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِن بَيْنِنا ألَيْسَ اللَّهُ بِأعْلَمَ بِالشّاكِرِينَ} وقسم الناس إلى شكور وكفور فأبغض الأشياء إليه الكفر وأهله وأحب الأشياء إليه الشكر وأهله قال تعالى في الإنسان ﴿إنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إمّا شاكِرًا وإمّا كَفُورًا﴾ وقال نبيه سليمان ﴿هَذا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أأشْكُرُ أمْ أكْفُرُ ومَن شَكَرَ فَإنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ومَن كَفَرَ فَإنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ وقال تعالى ﴿وَإذْ تَأذَّنَ رَبُّكم لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكم ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ﴾ وقال تعالى ﴿إنْ تَكْفُرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكم ولا يَرْضى لِعِبادِهِ الكُفْرَ وإنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ وهذا كثير في القرآن يقابل سبحانه بين الشكروالكفر فهو ضده قال تعالى ﴿وَما مُحَمَّدٌ إلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإنْ ماتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أعْقابِكم ومَن يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وسَيَجْزِي اللَّهُ الشّاكِرِينَ﴾ والشاكرون هم الذين ثبتوا على نعمة الإيمان فلم ينقلبوا على أعقابهم وعلق سبحانه المزيد بالشكر والمزيد منه لا نهاية له كما لا نهاية لشكره وقد وقف سبحانه كثيرا من الجزاء على المشيئة كقوله ﴿فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إنْ شاءَ﴾ وقوله في الإجابة ﴿فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إلَيْهِ إنْ شاءَ﴾ وقوله في الرزق ﴿يَرْزُقُ مَن يَشاءُ﴾ وفي المغفرة ﴿يَغْفِرُ لِمَن يَشاءُ﴾ والتوبة ﴿وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَن يَشاءُ﴾ وأطلق جزاء الشكر إطلاقا حيث ذكر كقوله وسنجزى الشاكرين وسيجزى الله الشاكرين ولما عرف عدو الله ابليس قدر مقام الشكر وأنه من أجل المقامات وأعلاها جعل غايته أن يسعى في قطع الناس عنه فقال ﴿ثُمَّ لآتِيَنَّهم مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ ومِن خَلْفِهِمْ وعَنْ أيْمانِهِمْ وعَنْ شَمائِلِهِمْ ولا تَجِدُ أكْثَرَهم شاكِرِينَ﴾ ووصف الله سبحانه الشاكرين بأنهم قليل من عباده فقال تعالى ﴿وَقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾. وذكر الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رجلا يقول: اللهم اجعلني من الأقلين. فقال ما هذا؟ فقال يا أمير المؤمنين إن الله قال ﴿وما آمن معه إلا قليل﴾، وقال تعالى ﴿وَقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ وقال ﴿إلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ وقَلِيلٌ ما هُمْ﴾ فقال عمر صدقت. وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على أول رسول بعثه إلى أهل الأرض بالشكر فقال ﴿ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا﴾ وفي تخصيص نوح هاهنا بالذكر وخطاب العباد بأنهم ذريته إشارة إلى الاقتداء به فإنه أبوهم الثاني فإن الله تعالى لم يجعل للخلق بعد الغرق نسلا إلا من ذريته كما قال تعالى ﴿وجعلنا ذريته هم الباقين﴾ فأمر الذرية أن يتشبهوا بأبيهم في الشكر فإنه كان عبدا شكورا إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم