أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة والثمانون بعد المئتين في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والثمانون بعد المئتين في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *في بيان تنازع الناس في الأفضل من الصبر والشكر وها هنا أمر ينبغي التفطن له وهو أنه قد يكون العمل المعين أفضل منه في حق غيره فالغنى الذي بلغ له مال كثير ونفسه لا تسمح ببذل شيء منه فصدقته وإيثاره أفضل له من قيام الليل وصيام النهار نافلة والشجاع الشديد الذي يهاب العدو سطوته وقوفه في الصف ساعة وجهاده أعداء الله أفضل من الحج والصوم والصدقة والتطوع والعالم الذي قد عرف السنة والحلال والحرام وطرق الخير والشر مخالطته للناس وتعليمهم ونصحهم في دينهم أفضل من اعتزاله وتفريغ وقته للصلاة وقراءة القرآن والتسبيح وولى الأمر الذي قد نصبه الله للحكم بين عباده جلوسه ساعة للنظر في المظالم وانصاف المظلوم من الظالم واقامة الحدود ونصر المحق وقمع المبطل أفضل من عبادة سنين من غيره ومن غلبت عليه شهوة النساء فصومه له أنفع وأفضل من ذكر غيره وصدقته وتأمل تولية النبي لعمرو بن العاص وخالد بن الوليد وغيرهما من أمرائه وعماله وترك تولية أبي ذر بل قال له: "إني أراك ضعيفا وإنى أحب لك ما أحب لنفسي لا تؤمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم" وأمره وغيره بالصيام وقال:"عليك بالصوم فانه لا عدل له" وأمر آخر بأن لا يغضب وأمر ثالثا بأن لا يزال لسانه رطبا من ذكر الله ومتى أراد الله بالعبد كمالا وفقه لاستفراغ وسعه فيما هو مستعد له قابل له قد هيئ له فإذا استفرغ وسعه على غيره وفاق الناس فيه كما قيل : ما زال يسبق حتى قال حاسده ∗∗∗ هذا طريق إلى العلياء مختصر وهذا كالمريض الذي يشكو وجع البطن مثلا إذا استعمل دواء ذلك الداء انتفع به وإذا استعمل دواء وجع الرأس لم يصادف داءه فالشح المطاع مثلا من المهلكات ولا يزيله صيام مائة عام ولا قيام ليلها وكذلك داء اتباع الهوى والاعجاب بالنفس لا يلائمه كثرة قراءة القرآن واستفراغ الوسع في العلم والذكر والزهد وإنما يزيله اخراجه من القلب بضده ولو قيل ايما أفضل الخبز أو الماء لكان الجواب أن هذا في موضعه أفضل وهذا في موضعه أفضل . وإذا عرفت هذه القاعدة فالشكر ببذل المال عمل صالح يحصل به للقلب حال فهو دواء للداء الذي في القلب يمنعه من المقصود وأما الفقير الزاهد فقد استراح من هذا الداء والدواء وتوفرت قوته على استفراغ الوسع في حصول المقصود . ثم أوردوا على أنفسهم سؤالا فقالوا : فإن قيل فقد حث الشرع على الأعمال وانفصلوا عنه بأن قالوا الطبيب إذا أثنى على الدواء لم يدل على أن الدواء يراد لعينه ولا أنه أفضل من الشفاء الحأصل به ولكن الأعمال علاج لمرض القلوب ومرض القلوب مما لا يشعر به غالبا فوقع الحث على العمل المقصود وهو شفاء القلب فالفقير الآخذ لصدقتك يستخرج منك داء البخل كالحجام يستخرج منك الدم المهلك . قالوا وإذا عرف هذا عرف أن حال الصابر حال المحافظ على الصحة والقوة وحال الشاكر حال المتداوي بأنواع الأدوية لإزالة مواد السقم (فصل ) قال الشاكرون لقد تعديتم طوركم وفضلتم مقاما غيره أفضل منه وقدمتم الوسيلة على الغاية والمطلوب لغيره على المطلوب لنفسه والعمل الكامل على الأكمل والفاضل على الأفضل ولم تعرفوا للشكر حقه ولا وفيتموه مرتبته وقد قرن تعالى ذكره الذي هو المراد من الخلق بذكره وكلاهما هو المراد بالخلق والأمر والصبر خادم لهما ووسيلة إليهما وعونا عليهما قال تعالى (اذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون) وقرن سبحانه الشكر بالإيمان وأخبر أنه لا غرض له في عذاب خلقه إن شكروا وآمنوا به فقال ﴿ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكم إنْ شَكَرْتُمْ وآمَنتُمْ﴾ أي إن وفيتم ما خلقتم له وهو الشكر والإيمان فما أصنع بعذابكم. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم