أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية والثمانون بعد المئتين في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والثمانون بعد المئتين في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *في بيان تنازع الناس في الأفضل من الصبر والشكر قالوا ويكفي في فضل الصبر على الشكر قوله تعالى إنى جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون فجعل فوزهم جزاء صبرهم وقال تعالى {والله مع الصابرين} لا شيء يعدل معيته لعبده، كما قال بعض العارفين ذهب الصابرون بخير الدنيا والآخرة، لأنهم نالوا معية الله. وقال تعالى {واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا) وهذا يتضمن الحراسة والكلاءة والحفظ للصبر لحكمه وقد وعد الصابرين بثلاثة أشياء كل واحد خير من الدنيا وما عليها وهي : صلواته تعالى عليهم ، ورحمته لهم ، وتخصيصهم بالهداية ؛ في قوله تعالى أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون وهذا مفهم لحصر الهدى فيهم وأخبر أن الصبر من عزم الأمور في آيتين من كتابه وأمر رسوله أن يتشبه بصبر أولى العزم من الرسل وقد تقدم ذكر ذلك ، قالوا وقد دل الدليل على أن الزهد في الدنياوالتقلل منهامهما أمكن من الاستكثار منها والزهد فيها حال الصابر والاستكثار منها حال الشاكرقالوا وقدسئل المسيح صلوات الله وسلامه عليه عن رجلين مرا بكنز فتخطاه أحدهما ولم يلتفت إليه وأخذه الآخر وأنفقه في طاعة الله تعالى أيهما أفضل فقال الذي لم يلتفت إليه وأعرض عنه أفضل عند الله . قالوا ويدل على صحة هذا أن النبي عرضت عليه مفاتيح كنوز الأرض فلم يأخذها وقال : (بل أجوع يوما وأشبع يوما ) ولو أخذها لأنفقها في مرضاة الله وطاعته، فآثر مقام الصبر عنها والزهد فيها. قالوا وقد علم أن الكمال الإنساني في ثلاثة أمور : علوم يعرفها ، وأعمال يعمل بها، وأحوال ترتب له على علومه وأعماله. وأفضل العلم والعمل والحال : العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله ، والعمل بمرضاته ، وانجذاب القلب إليه بالحب والخوف والرجاء ، فهذا أشرف ما في الدنيا ، وجزاؤه أشرف ما في الآخرة ، وأجل المقاصد معرفة الله ومحبته والأنس بقربه والشوق إلى لقائه والتنعم بذكره ، وهذا أجل سعادة الدنيا والآخرة وهذا هو الغاية التي تطلب لذاتها، وإنما يشعر العبد تمام الشعور بأن ذلك عين السعادة إذا انكشف له الغطاء وفارق الدنيا ودخل الآخرة وإلا فهو في الدنيا وإن شعر بذلك بعض الشعور فليس شعوره به كاملا للمعارضات التي عليه والمحن التي امتحن بها وإلا فليست السعادة في الحقيقة سوى ذلك، وكل العلوم والمعارف تبع لهذه المعرفة مرادة لأجلها وتفاوت العلوم في فضلها بحسب إفضائها إلى هذه المعرفة وبعدها فكل علم كان أقرب افضاء إلى العلم بالله وأسمائه وصفاته فهو أعلى مما دونه وكذلك حال القلب فكل حال كان أقرب إلى المقصود الذي خلق له فهو أشرف مما دونه وكذلك الأعمال فكل عمل كان أقرب إلى تحصيل هذا المقصود كان أفضل من غيره ولهذا كانت الصلاة والجهاد من أفضل الأعمال وأفضلها لقرب إفضائها إلى المقصود وهكذا يجب أن يكون فإن كل ما كان الشيء أقرب إلى الغاية كان أفضل من البعيد عنها فالعمل المعد للقلب المهيئ له لمعرفة الله وأسمائه وصفاته ومحبته وخوفه ورجائه أفضل مما ليس كذلك وإذا أشتركت عدة أعمال في هذا الافضاء فأفضلها أقربها إلى هذا المفضى ولهذا اشتركت الطاعات في هذا الإفضاء فكانت مطلوبة لله واشتركت المعاصي في حجب القلب وقطعه عن هذه الغاية فكانت منهيا عنها وتأثير الطاعات والمعاصي بحسب درجاتها إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم