أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الواحدة والثمانون بعد المئتين في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والثمانون بعد المئتين في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *في بيان تنازع الناس في الأفضل من الصبر والشكر حكى أبو الفرج ابن الجوزي في ذلك ثلاثة أقوال: أحدها :أن الصبر أفضل. والثاني :أن الشكر أفضل. والثالث :أنهما سواء، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "لو كان الصبر والشكر بعيرين ما باليت أيهما ركبت"ونحن نذكر ما احتجت به كل فرقة وما لها وعليها في احتجاجها بعون الله وتوفيقه. * فصل: قال الصابرون قد أثنى الله سبحانه على الصبر وأهله ومدحه وأمر به وعلق عليه خير الدنيا والآخرة وقد ذكره الله في كتابه في نحو تسعين موضعا وقد تقدم من النصوص والأحاديث فيه وفي فضله ما يدل على أنه أفضل من الشكر ويكفي في فضله قوله "الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر" فذكر ذلك في معرض تفضيل الصبر ورفع درجته على الشكر فإنه ألحق الشاكر بالصابر وشبهه به ورتبة المشبه به أعلى من رتبة المشبه وهذا كقوله: "مدمن الخمر كعابد وثن " ونظائر ذلك قالوا وإذا وازنا بين النصوص الواردة في الصبر والواردة في الشكر وجدنا نصوص الصبر أضعافها ولهذا لما كانت الصلاة والجهاد أفضل الأعمال كانت الأحاديث فيهما في سائر الابواب فلا تجد الأحاديث النبوية في باب أكثر منها في باب الصلاة والجهاد قالوا وأيضا فالصبر يدخل في كل باب بل في كل مسئلة من مسائل الدين ولهذا كان من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد قالوا وأيضا فالله سبحانه وتعالى علق على الشكر الزيادة فقال ﴿وإذ تأذن ربكم لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأزِيدَنَّكُمْ﴾ وعلق على الصبر الجزاء بغير حساب وأيضا فإنه سبحانه أطلق جزاء الشاكرين فقال وسيجزى الله الشاكرين وقيد جزاء الصابرين بالإحسان فقال ﴿ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون﴾ قالوا وقد صح عن النبي أنه قال: يقول الله تعالى: " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به ". وفي لفظ:" كل عمل ابن آدم يضاعف له الحسنة بعشر أمثالها قال الله تعالى إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" وما ذاك إلا لأنه صبر النفس ومنعها من شهواتها كما في الحديث نفسه يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ولهذا قال النبي لمن سأله عن أفضل الأعمال: " عليك بالصوم فإنه لا عدل له"ولما كان الصبر حبس النفس عن إجابة داعي الهوى وكان هذا حقيقة الصوم فإنه حبس النفس عن إجابة داعي شهوة الطعام والشراب والجماع فسر الصبر في قوله تعالى ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾ أنه الصوم وسمى رمضان شهر الصبر. وقال بعض السلف الصوم نصف الصبر وذلك أن الصبر حبس النفس عن إجابة داعي الشهوة والغضب فإن النفس تشتهى الشيء لحصول اللذة بإدراكه وتغضب لنفرتها من المؤلم لها والصوم صبر عن مقتضى الشهوة فقط وهي شهوة البطن والفرج دون مقتضى الغضب ولكن من تمام الصوم وكماله صبر النفس عن إجابة داعي الأمرين وقد أشار إلى ذلك النبي في الحديث الصحيح وهو قوله:"إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يجهل ولا يصخب فإن أحد سابه أو شاتمه فليقل إني صائم " فأرشد إلى تعديل قوى الشهوة والغضب وأن الصائم ينبغي له أن يحتمى من إفسادهما لصومه فهذه تفسد صومه وهذه تحبط أجره كما قال في الحديث الآخر:"من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ". إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم