أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة والستون بعد المئتين في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والستون بعد المئتين في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *ذم التقصير في الشكر 4- أن يعلم الإنسان يقيناً أن النعم إذا شكرت قرت وزادت، وإذا كفرت فرَّت وزالت، قال تعالى: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }[ إبراهيم:7] فمتى أراد العبد دوام النعم وزيادتها فيلزم الشكر. وبدونه لا تدوم نعمة. قال الفضيل بن عياض : ( عليكم بملازمة الشكر على النعم فقلَّ نعمة زالت عن قوم فعادت إليهم ). 5- على ذي النعمة أن ينظر إليها - وإن قلَّت – بعين التعظيم وإظهار الفاقة لأنها من الله تعالى وقليله لا يقال له قليل. وقد أوصلها إليك فضلاً منه وامتناناً لا باستحقاق منك. ومن الجهل بالنعمة أن يراها الإنسان يسيرة لا تستحق الشكر وبإمكانه أن ينالها، وهذا فهم سقيم، فإن كل مطلوب يريده الإنسان لن يكون إلا بتيسير من الله مهما كان صغيراً، فإذا تحقق فهو من نعم الله عليه لأن حصوله مصحلة لهذا المخلوق الضعيف الذي لايملك لنفسه ضراًّ ولا نفعاً. 6- أن يفكِّر الإنسان في حاله ويتأمل حياته قبل حصول هذه النعمة، وكيف كانت حاله آنذاك. وينظر إلى حاله لو كان فاقداً لها، فإن كان غنياً فإلى حال فقره، وإن كان صحيحاً فإلى حاله يوم كان مريضاً، وإن ملك بيتاً فإلى حاله يوم كان لا يملك بل كان يستأجر أو في بيت ضيق لا يرتضيه، وهكذا كل نعمة ينظر إلى وجود ضدها ليعرف بذلك قدرها فيشكرها. 7- أن ينظر الإنسان إلى من دونه في أمور الدنيا. فإذا فعل ذلك استعظم ما أعطاه الله تعالى وفضله به على غيره، فلم يعب نعمة ولم ينتقص عطية، فقام بمحبة الله تعالى وشكره، وتواضع لربه، وفعل الخير. فكان من الشاكرين. وهذا ما أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ( انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم ). فلينظر الإنسان إلى من دونه ممن ابتلي بالفقر المدقع أو الدين المفظع، ويعلم ما صار إليه من السلامة من الأمرين. فذلك نعمة عظيمة فيشكر ربه.وينظر إلى من ابتلي بالأسقام وينتقل منه إلى ما فُضِّل به عليه من العافية والصحة فيشكر مولاه ويستعمل ذلك في طاعته. وينظر إلى من في خلقه نقص من عَمًى أو صَمَمٍ أو فَقْدِ عضو، وينتقل إلى ما هو فيه من السلامة من تلك العاهات التي تجلب الهم والغم وتعوق الإنسان عن كثير من التصرفات، فيشكر ربه وخالقه، ويعمل حواسه التي سلمها الله في طاعته وابتغاء مرضاته. وينظر إلى من ابتلي بجمع الدنيا وحطامها، والامتناع عما يجب عليه من حقوق، ويعلم أنه فُضل بالإقلال وأنعم عليه بقلة تبعة الأموال التي حلالها حساب وحرامها عقاب. فيشكر الله على سكون قلبه وجمع همه وحصول القناعة. وما أحسن ما قاله بعض السلف: ( لَنِعمُ الله علينا فيما زوى عنا من الدنيا أفضل من نعمه علينا فيما بسط لنا منها، وذلك أن الله لم يرضَ لنبيه الدنيا، فلأَنْ أكون فيما رضي الله لنبيه وأحبَّ له أحبُّ من أن أكون فيما كرهه له وسخطه ). 8- ومما يساهم في علاج تقصير الناس في الشكر التواصي بشكر نعم الله والقيام بحقها، فإن تذكير الناس بالشكر أمر مطلوب، لا سيما من صاحب كلمة مسموعة، كخطيب جمعة وإمام مسجد وغيرهما من واعظ ومحاضر.قال عمر بن عبد العزيز- رحمه الله -: ( تذاكر النعم شكر ). وقد كان السلف من هذه الأمة - من الصحابة والتابعين - يلهجون بشكر الله تعالى وحمده، والثناء عليه، عند كل لُقِيٍّ واجتماع. بل إن بعضهم كان يتقصد لقاء أخيه، ويسأله عن حاله مع قرب العهد بينهما وما مقصوده من سؤاله أو السلام عليه إلا أن يسمع منه حمد الله تعالى والثناء عليه سبحانه. فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه- قال: ( سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سلم على رجل، فرد عليه السلام. وقال للرجل: كيف أنت؟ قال الرجل: أحمد الله إليك، قال عمر: هذه أردت منك ). وعن علقمة بن مرثد، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال ( إنْ كنا لعلنا أن نلتقي في اليوم مراراً، يسأل بعضنا بعضاً - عن حاله - وإنْ نريد بذلك - أي ما نريد بذلك - إلا الحمد لله عز وجل ). وهذا العلاج الذي وصفناه إنما ينفع صاحب القلب المبصر الذي يتأمل في نعم الله تعالى. أما القلب البليد الذي لا يعد النعمة نعمة إلا إذا نزل به البلاء فسبيل صاحبه أن ينظر أبداً إلى من دونه لعل الله تعالى أن يوقظه من رقدة الغفلة فيرى نعم الله ويقوم بشكرها. وأول مراتب سعادة العبد أن تكون له أذن واعية، وقلب يعقل ما تعيه الأذن، فإذا سمع وعقل تذكر فضل الله عليه. كلما تجددت له نعمة جدد لها شكراً. فهذا على خير وإلى خير. [ الأنترنت – موقع دار الإسلام - المصدر: موقع الجمعية السعودية للسنة وعلومها.] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم