أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية والستون بعد المئتين في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والستون بعد المئتين في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *ذم التقصير في الشكر السبب الثالث: نظر بعض الناس إلى من فوقه: إذا نظر الإنسان إلى من فوقه ممن فُضِّل عليه احتقر ما أعطاه الله تعالى من فضله، فقصر في وظيفة الشكر؛ لأنه يرى أن ما أعطيه قليل، فيطلب الازدياد ليلحق بمن فوقه أو يقاربه. وهذا موجود في غالب الناس. فينشغل قلبه ويتعب جوارحه في طلب اللحاق بمن فضلوا عليه في متاع الحياة الدنيا. فيصير همه جمع الدنيا ويغفل عن الشكر والقيام بوظيفة العبودية التي خلق لأجلها. السبب الرابع : نسيان الماضي: من الناس من مرت به حياة البؤس والعوز، وعاش أيام الخوف والقلق، إما في مال أو معيشة أومسكن. ولما أنعم الله عليه وآتاه من فضله لم يشأ أن يعمل مقارنة بين ماضيه وحاضره ليتبين له فضل ربه عليه، لعل ذلك يكون عوناً له على شكر النعم، لكنه غرق في نعم الله الحاضرة ونسي حالته الماضية! وعلى الإنسان أن يأخذ درساً مما ورد في الحديث الصحيح: أن ثلاثة من بني إسرائيل أراد الله أن يبتليهم أبرص وأقرع وأعمى، فأظهر الابتلاء حقائقهم التي كانت في عمله من قبل أن يخلقهم، فأما الأعمى فاعترف بإنعام الله عليه وأنه كان أعمى فقيراً فأعطاه لله البصر والغنى، وبَذلَ للسائل ما طلبه شكراً لله، وأما الأقرع والأبرص فكلاهما جحدا ما كانا عليه قبل ذلك من سوء الحال والفقر. وقالا في الغنى: إنما أوتيته كابراً عن كابر. وهذا حال أكثر الناس لا يعترف بما كان عليه أولاً من نقص أو جهل وفقر وذنوب، وأن الله سبحانه نقله من ذلك إلى ضد ما كان عليه وأنعم عليه بذلك. *علاج التقصير في الشُّكر: لعلنا إذا عرفنا شيئاً من أسباب التقصير في الشكر أن نشير هنا إلى نبذة مما نراه علاجاً للتقصير في الشكر. ولا سيما الشكر العملي شكر الجوارح. ومن ذلك ما يلي: 1- التأمُّل في نعم الله تعالى واستحضارها وتذكرها. وأن الإنسان في كل حالة من أحواله في نعمة، بل ولا يمكن أن يمر عليه لحظة في حياته إلا وهو يتقلب في نعم الله تعالى، وفي هذا استجابة لأمر الله تعالى بقوله سبحانه: { وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ }[ البقرة:231] وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } [ فاطر: 3] والآيات في هذا المعنى كثيرة. 2- الضَّراعة إلى الله تعالى بأن يوزع عبده الضَّعيف شكر نعمته، والإعانة على القيام بهذه الوظيفة العظيمة التي لا قيام للعبد بها إلا بإعانة الله تعالى، والضراعة صفة أنبياء الله تعالى ورسله وعباده الصالحين. قال تعالى عن سليمان عليه الصلاة والسلام:{ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ }[ النمل:19]. وقال تعالى عن العبد الصالح: { وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }[ الأحقاف:15]. وقد أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل - رضي الله عنه - بهذا الدعاء العظيم فقال له وقد أخذ بيده : ( يا معاذ، والله إني لأحبك، ثم أوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ). 3- أن يعلم الإنسان أن الله تعالى يسأله يوم القيامة عن شكر نعمه. هل قام بذلك أو قصّر، قال تعالى: { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}[ التكاثر: 8 ] قال ابن كثير - رحمه الله -: ( أي: ثم لتسألن يومئذٍ عن شكر ما أنعم الله به عليكم من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك ماذا قابلتم به نعمه من شكر وعبادة ). وعن أبي هريرة - رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن أول ما يسأل عنه يوم القيامة - يعني العبد- أن يقال: ألم نًصحَّ جسمك، ونرويك من الماء البارد). إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم