أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة والخمسون بعد المئتين في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والخمسون بعد المئتين في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: رابعاً : كيف يكون شكر العبد ربَّه على نعمه الجليلة ؟ يكون الشكر بتحقيق أركانه ، وهي شكر القلب ، وشكر اللسان ، وشكر الجوارح . قال ابن القيم - رحمه الله : الشكر يكون : بالقلب : خضوعاً واستكانةً،وباللسان : ثناءً واعترافاً ، وبالجوارح : طاعةً وانقياداً ." مدارج السالكين " ( 2 / 246 ) . وتفصيل ذلك : 1-أما شكر القلب : فمعناه : أن يستشعر القلب قيمة النعم التي أنعمها الله على عبده ، وأن ينعقد على الاعتراف بأن المنعم بهذه النعَم الجليلة هو الله وحده لا شريك له ، قال تعالى : ( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ) النحل/ 53 .وليس هذا الاعتراف من باب الاستحباب ، بل هو واجب ، ومن نسب هذه النعم لغيره تعالى : كفر . قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - : الواجب على الخلق إضافة النعم إلى الله قولاً ، واعترافاً،وبذلك يتم التوحيد،فمن أنكر نعَم الله بقلبه،ولسانه : فذلك كافر،ليس معه من الدين شيء. وهو بلسانه تارة يضيفها إلى الله ، وتارة يضيفها إلى نفسه ، وعمله ، وإلى سعي غيره - كما هو جارٍ على ألسنة كثير من الناس - : فهذا يجب على العبد أن يتوب منه ، وأن لا يضيف النعم إلا إلى موليها ، وأن يجاهد نفسه على ذلك ، ولا يتحقق الإيمان ، والتوحيد إلا بإضافة النعَم إلى الله ، قولاً ، واعترافاً . فإن الشكر الذي هو رأس الإيمان مبني على ثلاثة أركان : اعتراف القلب بنعَم الله كلها عليه ، وعلى غيره ، والتحدث بها ، والثناء على الله بها ، والاستعانة بها على طاعة المنعم ، وعبادته ." القول السديد في مقاصد التوحيد " ( ص 140 ) . وقال تعالى مبيناً حال من يجحد نسبة النعم لله تعالى : ( يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ) النحل/ 83 . قال ابن كثير - رحمه الله - : أي : يعرفون أن الله تعالى هو المسدي إليهم ذلك ، وهو المتفضل به عليهم ، ومع هذا ينكرون ذلك ، ويعبدون معه غيره ، ويسندون النصر والرزق إلى غيره ." تفسير ابن كثير " ( 4 / 592 ) . 2. وأما شكر اللسان : فهو الاعتراف لفظاً – بعد عقد القلب اعتقاداً – بأن المنعَم على الحقيقة هو الله تعالى ، واشتغال اللسان بالثناء على الله عز وجل .قال تعالى في سياق بيان نعمه على عبد محمد صلى الله عليه وسلم : ( وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ) الضحى/ 8 ، ثم أمره في مقابل ذلك بقوله : ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) الضحى/ 11 . قال ابن كثير – رحمه الله - :أي : وكما كنت عائلا فقيراً فأغناك الله : فحدِّث بنعمة الله عليك ." تفسير ابن كثير " ( 8 / 427 ) . وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ) .رواه مسلم ( 2734 ) . قال أبو العباس القرطبي رحمه الله : والحمد هنا بمعنى الشكر ، وقد قدمنا : أن الحمد يوضع موضع الشكر ، ولا يوضع الشكر موضع الحمد ، وفيه دلالة على أن شكر النعمة - وإن قلَّت - : سببُ نيل رضا الله تعالى ، الذي هو أشرف أحوال أهل الجنة ، وسيأتي قول الله عز وجل لأهل الجنة حين يقولون : " أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك ، فيقول : ( ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ ) فيقولون : ما هو ؟ ألم تبيض وجوهنا ، وتدخلنا الجنة ، وتزحزحنا عن النار ؟ ، فيقول : ( أحلُّ عليكم رضواني ،فلا أسخط عليكم بعده أبداً ) . إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم