أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة التاسعة عشرة بعد المئتين في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة عشرة بعد المئتين في موضوع الشكور والتي هي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*الحفاظ على نعمة العقل هناك عقول ذكية وألباب مشرقة، لكن على مصالح الدنيا فحسب، فهذه عقول مظلمة في مصالح الآخرة ربحت في الدنيا لكنها خسرت الآخرة. كم من ذكي ألمعي،ومخترع عبقري هداه عقله الفطري وذكاؤه الخارق إلى مجاهل ومسالك في الدنيا لم يصل إليها أحد قبله، فصار صاحب اكتشافات وحقائق ونظريات، وأوصله عقله وذكاؤه إلى مقامات رفيعة في الدنيا، لكنه لم يوصله إلى خالقه ويعرفه الدين الحق، فماذا استفاد من عقله وذكائه عند ربه؟! وكم من إنسان مسلم بصير بمصالح الدنيا ذكي في تحصيل منافعها ودفع مضارها بعقله الخصب وذكائه الوقاد. غير أنه لم يستغل هذا الذكاء في جلب مصالح الآخرة والإكثار منها، ولعله قد يصرف هذا الذكاء وطاقته العقلية الجبارة في المكر وإضرار إخوانه المسلمين. فماذا استفاد من هذا العقل الذي لم يصرف إلى مصالح دينه وأسباب نجاته بين يدي ربه؟! عباد الله، إن العقل الممدوح في الشرع له نتائج حسنة ومظاهر منبئة عن كماله واستقامته، تظهر على صاحب هذا العقل الحصيف في أقواله وأعماله وأحواله، فمن تلك المظاهر الدالة على عقل صاحبها: الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة؛ لأن الزاهدين الصادقين المتبعين عرفوا حقيقة الدنيا بحسن عقولهم فلم يركنوا إليها، وعرفوا حقيقة الآخرة فاستعدوا لها ورغبوا فيها. فالعاقل من عقل عن الله أمره ونهيه، والزهاد منهم؛ ولهذا قال بعض علماء الشافعية: إن من أوصى بثلث ماله لأعقل الناس فإنه يكون مصروفاً في الزهاد؛ لأنهم انقادوا للعقل ولم يغتروا بالأمل. فالزهاد أخذوا من الدنيا ما يكفيهم لبلوغ الآخرة، ولم تكن هذه الحياة هدفهم ومنتهى أمانيهم فيصرفوا الزمن والجهد كليهما في خدمتها والانشغال بها، وإنما بغيتهم الحياة الأبدية في جنة عرضها السموات والأرض، هؤلاء هم العقلاء الفطناء والأذكياء النبهاء: إن لله عباداً فطناء *** طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا نظروا إليها فلما علموا *** أنها ليست لحي وطنا جعلوها لجة واتخذوا *** صالح الأعمال فيها سفنا ومن علامات وجود العقل الصحيح عند الإنسان: الإقبال على المنافع والبعد عن المضار في أمر الدين والدنيا. فالإنسان العاقل يحرص على ما ينفعه، ويستعين بالله على تحصيله، ولا يعجز، وأعظم ما ينفع الإنسان في عيشه الأخروي: الإيمان والعمل الصالح. قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]. وأعظم ما ينفع الإنسان في عيشه الدنيوي: أن يكون معافى في بدنه آمناً في بيته عنده قوت يومه، فإذا نال ذلك فقد حيزت له الدنيا كما أخبر بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام. فالعاقل من بني آدم يكدح في عمره كي يسلم من مضار الدنيا ويسلم من مضار الآخرة. وكم من إنسان يجلب الشقاء على نفسه بجهله وحمقه، وتوانيه وغفلته، فلا يعود إليه عقله وصوابه إلا حين تنزل ببابه المكاره، وتحل عليه الخطوب، ويودع الدنيا ويتعلق بالأمل إلى الرجوع، ولكن ولات حين مناص، إذا هجم الأجل انقطع الأمل وذهب العمل. ألا وإن مما ينفع الإنسان أن ينشغل كل امرئ بنفسه مما يعنيه في أمر دنياه ودينه، ويصرف الوقت والجهد في ذلك، دون أن يقحم نفسه في شؤون غيره مما لا يعنيه. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إن من حسن إسلام المرء: تركه ما لا يعنيه) إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم