أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الخامسة عشرة بعد المئتين في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة عشرة بعد المئتين في موضوع الشكور والتي هي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*ماهية العقل حتى نشكر الله عليه ( تعريف العقل عند العلماء المسلمين ) د - أبو حامد الغزالي : قال في كتابه إحياء علوم الدين: "إن العقل يطلق على أربعة معانٍ: فالأول: الوصف الذي يُفارِق الإنسان به سائرَ البهائم، وهو الذي استعدَّ به لقَبول العلوم النظرية، وتدبير الصناعات الخفية الفكرية، وهو الذي أراده الحارث بن أسد المحاسبي؛ حيث قال في حدِّ العقل: إنه غريزة يتهيَّأ بها إدراك العلوم النظرية. الثاني: هي العلوم التي تخرج إلى الوجود في ذات الطفل المميِّز بجواز الجائزات، واستحالة المستحيلات، كالعلم بأن الاثنين أكثر من الواحد. الثالث: علوم تستفاد من التجارب بمجاري الأحوال، فإن حنَّكَتْه التجارب، وهذَّبَتْه المذاهب يقال: إنه عاقل في العادة، ومَن لا يتصف بهذه الصفة، فيقال إنه غبي غُمْر جاهل، فهذا نوع آخر من العلوم يسمى عقلاً. الرابع: أن تنتهي قوَّة هذه الغريزة إلى أن يعرف عواقب الأمور، ويقمع الشهوة الداعية إلى اللذَّة العاجلة ويقهرها، فإذا حصلت هذه القوَّة سمِّي صاحبُها عاقلاً من حيث إقدامه وإحجامه، بحسب ما يقتضيه النظر في العواقب، لا بحكم الشهوة العاجلة، وهذه أيضًا من خواصِّ الإنسان التي بها يتميز عن سائر الحيوان"[ انظر: إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي 1/72.] هـ - ابن الجوزي : ينقل في كتابيه: (الأذكياء)، و(ذم الهوى) ما قاله الغزالي، ويضيف مبيِّنًا ماهية العقل: "يعرف العقل بسكوتِه وسكونه ومراقبته للعواقب، وليس العقل محسوسًا، وإنما يدل عليه ظاهرُ قول العاقل وعمله". ويقول: "إنما تتبيَّن فضيلة الشيء في ثمرته وفائدته، وقد عرَفْتَ ثمرة العقل وفائدته، فإنه هو الذي دلَّ على الإله، وأمر بطاعته وامتثال أوامره"[ ابن الجوزي: الأذكياء، ص 10 - 15، وذم الهوى، ص 805.] و – النَّسَفي : يُعرِّف العقل بقوله: "هو قوَّة للنفس بها تستعدُّ للعلوم والإدراكات، وهو المَعْنِي بقوله: غريزة يتبعُها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات، وقيل: هو جوهر تُدرَك به الغائبات والمحسوسات بالمشاهدة"[ العقائد النسفية للنسفي، ص 46 - 61.] ويقسِّم النَّسَفي العقل إلى غريزي واستدلالي، وهو في هذا متأثِّر بالمحاسبي أيضًا، والعقول عنده متفاوتة بحسب الفطرة : • منها العقل البديهي، كالعلم بأن الكل أكبر من الجزء، وهذا العلم لا يحتاج إلى دليل أو تفكير. • ومنها العقل الاستدلالي: كالعلم بأن الدُّخَان علامة على وجود النار. • ومنها العقل الاكتسابي، وهو أعمُّ من الاستدلالي، وهو يقوم على الاختبار بالحواس. • ومنها يجيء بالإلهام، وهو ما يلقى في القلب مباشرة. ز - أبو بكر الرازي : قال في كتابه "الطب الروحاني" معدِّدًا منافع العقل: "إن الباري – عزَّ اسمه - إنما أعطانا العقل وحبانابه لننالَ ونبلغ به من المنافع العاجلة والآجلة غايةَ ما في جوهر مثلِنا نَيْله وبلوغه، وأنه أعظم نِعَم الله عندنا، وأنفع الأشياء لنا وأَجْدَاها علينا... فبالعقل فضَّلنا على الحيوان غير الناطق حتى ملكناها وسُسناها، وذلَّلناها وصرفناها في الوجوه العائدة منافعها علينا وعليها، وبالعقل أدركنا جميع ما يرفعنا، ويحسن ويطيب به عيشنا، ونصل به إلى بُغْيَتنا ومرادنا، فإنا بالعقل نِلْنا صناعة الطب الذي فيه الكثير من مصالح أجسادنا، وسائر الصناعات العائدة علينا، النافعة لنا، وبه أدركنا الأمور الغامضة البعيدة المستورة عنا، وبه عرَفْنا شكل الأرض والفلك، وعظم الشمس، والقمر وسائر الكواكب وأبعادها وحركاتها، وبه وصلنا إلى معرفة الباري - عز وجل - الذي هو أعظم ما استدركنا، وأنفع ما أصبنا. وبالجملة، فإنه الشيء الذي لولاه كانت حالتنا حالة البهائم والأطفال والمجانين"[ انظر: مقام العقل عند العرب؛ قدري حافظ طوقان، ص 10.] هذه أقوال بعض العلماء في العقل ذكرتها على سبيل المثال لا الحصر، وبخاصة أولئك الذين تأثَّر بهم ابن تيمية - رحمه الله - في معاني العقل وذكر آراءهم، وكما رأينا أن رأي الحارث المحاسبي - رحمه الله - هو الأصل في آراء هؤلاء العلماء، وكلُّهم قد تأثر به، وكتابه "مائية العقل ومعناه، واختلاف الناس فيه" كان المرجع في عصره في هذا المجال... إلا أن ابن تيمية - رحمه الله - يدرسُ العقل دراسة علمية دقيقة جدًّا، مبتدئًا بردِّ أقوال الفلاسفة اليونانية في العقل؛ أمثال أرسطو، وتلاميذ الفلسفة اليونانية من المسلمين؛ أمثال الفارابي والكندي، ومُبيِّنًا مكانةَ العقل في الإسلام وصلته بالنقل أو بالشريعة بعامة، فضلاً عن نقد المنطق الأرسطي الذي هو نتاج الحركة العقلية عند الإنسان .[الأنترنت – موقع الألوكة - ماهية العقل حتى نشكر الله عليه ( تعريف العقل عند العلماء المسلمين ) - د. فهمي قطب الدين النجار] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم