أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة والتسعون بعد المائة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والتسعون بعد المئة في موضوع الشكور والتي هي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : وقفات مع الآيات: والكافرون لا ينجحون في فتنة الأموال والأولاد، بل سوف يأتي يوم لا يملكون فيه هذا المال، ولا أولئك الأولاد؛ وحتى إن ملكوا المال فلن يشتروا به في الآخرة شيئاً،وسيكون كل واحد من أولادهم مشغولاً بنفسه. إن الكافر من هؤلاء يخدع نفسه ويغشُّها، ويغتر بالمال والأولاد وينسى أن الحياة تسير بأمر من يملك الملك كلَّه، إن الكافر يأخذ مسألة الحياة في غير موقعها؛ فالغرور بالمال والأولاد في الحياة أمر خادع؛ فالإنسان يستطيع أن يعيش الحياة بلا مال أو أولاد. ومن يغتر بالمال أو الأولاد في الحياة يأتي يوم القيامة ويجد أمواله وأولاده حسرة عليه، لماذا؟ لأنه كلما تذكَّر أن المال والأولاد أبعداه عما يؤهله لهذا الموقف فهو يعاني من الأسى ويقع في الحسرة. ويقول الحق سبحانه عن هذا المغتر بالمال والأولاد وهو كافر بالله: {وأولئك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة من الآية:39]، وهذا مصير يليق بمن يقع في خديعة نفسه بالمال أوالأولاد (الشعراوي: [1142]). إن فتنة الأموال والأولاد عظيمة لا تخفى على ذوي الألباب؛ إذ أموال الإنسان عليها مدار معيشته وتحصيل رغائبه وشهواته، ودفع كثير من المكاره عنه؛ من أجل ذلك يتكلَّف في كسبها المشاقَّ ويركب الصعابَ ويكلفه الشرع فيها التزامَ الحلال واجتنابَ الحرام ويرغِّبه في القصد والاعتدال، ويتكلَّف العناء في حفظها، وتتنازعه الأهواء في إنفاقها، ويفرض عليه الشارع فيها حقوقاً معيَّنة وغير معيَّنة: كالزكاة ونفقات الأولاد والأزواج وغيرهم. وأما الأولاد فحبُّهم مما أودع في الفطرة؛ فهم ثمرات الأفئدة وأفلاذ الأكباد لدى الآباء والأمهات، ومن ثَمَّ يحملهما ذلك على بذل كل ما يستطاع بذله في سبيلهم: من مال وصحة وراحة. فحب الولد قد يحمل الوالدين على اقتراف الذنوب والآثام في سبيل تربيتهم والإنفاق عليهم وتأثيل الثروة لهم، وكل ذلك قد يؤدي إلى الجبن عند الحاجة إلى الدفاع عن الحق أو الأمة أو الدين، وإلى البخل بالزكاة والنفقات المفروضة والحقوق الثابتة، كما يحملهم ذلك على الحزن على من يموت منهم بالسخط على المولى والاعتراض عليه إلى نحو ذلك من المعاصي: كنوح الأمهات وتمزيق ثيابهن ولطم وجوههن. وعلى الجملة ففتنة الأولاد أكثر من فتنة الأموال؛ فالرجل يكسب المال الحرام ويأكل أموال الناس بالباطل لأجل الأولاد. فيجب على المؤمن أن يتقي الفتنتين، فيتقي الأُولَى بكسب المال من الحلال وإنفاقه في سبيل البر والإحسان، ويتقى خطر الثانية من ناحية ما يتعلق منها بالمال ونحوه بما يشير إليه الحديث. ومن ناحية ما أوجبه الدين من حُسْن تربية الأولاد وتعويدهم الدين والفضائل وتجنيبهم المعاصي والرذائل (تفسير المراغي: [9/196]). وقال السمرقندي رحمه الله: "إنما ذكر الأموالَ والأولادَ؛ لأن أكثر الناس يدخلون النار لأجل الأموال والأولاد، فأخبر الله تعالى أنه لا ينفعهم في الآخرة؛ لكيلا يفني الناس أعمارَهم لأجل المال والولد؛ وإنما ذكر الله تعالى الكفار، لكي يعتبر بذلك المؤمنون" (بحر العلوم: [1/221]). "فعلى العاقل أن يعتبر بالآيات ولا يغتر بكثرة الأعداد من الأموال والأولاد وعدم اجتهاده؛ لمعاده فإن الله يمتِّعه قليلاً ثم يضطره إلى عذاب غليظ" (روح البيان: [1/12]). إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم