أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية والتسعون بعد المائة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والتسعون بعد المئة في موضوع الشكور والتي هي بعنوان : وقفات مع الآيات: المال والبنون زينة وتفاخر في الحياة الدنيا : قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، وقال سبحانه: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ} [الحديد من الآية:20]، وقال تعالى: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا}، وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا}. قال القرطبي رحمه الله: "إنما كان المال والبنون زينة الحياة الدنيا؛ لأن في المال جمالاً ونفعاً، وفي البنين قوة ودفعاً، فصارا زينة الحياة الدنيا" (القرطبي: [10/413]). وقال السعدي رحمه الله: "أخبر تعالى أن المال والبنين، زينة الحياة الدنيا؛ أي: ليس وراء ذلك شيء، وأن الذي يبقى للإنسان وينفعه ويسرُّه: الباقيات الصالحات" (السعدي: [479]). "فالمال والبنون زينة الحياة، والإسلام لا ينهى عن المتاع بالزينة في حدود الطيبات. ولكنه يعطيهما القيمة التي تستحقها الزينة في ميزان الخلود ولا يزيد. إنهما زينة ولكنهما ليستا قيمة؛ فما يجوز أن يوزَن بهما الناس ولا أن يقدَّروا على أساسهما في الحياة؛ إنما القيمة الحقة للباقيات الصالحات من الأعمال والأقوال والعبادات" (الظلال: [4/2272]). *الأموال والأولاد استدراج وإملاء للكافرين ليزدادوا إثماً : قال تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ . نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ} [المؤمنون:55-56]، وعن قتادة رحمه الله قال: "مُكِرَ والله بالقوم في أموالهم وأولادهم فلا تعتبروا الناس بأموالهم وأولادهم ولكن اعتبروهم بالإيمان والعمل الصالح" (الدر المنثور: [10/582]). "وذلك لأنهم استخدموا أموالهم وأولادهم لأجل الطغيان والاستكبار عن الحق؛ كما قال تعالى: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ}، وأغروا بهما الناس وصدُّوهم عن سبيل الله؛ كما قال تعالى عن قوم نوح: {وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلا خَسَارًا} [نوح من الآية:22]، فذكر أنهم أهل أموال وأولاد؛ إيماءً إلى أن ذلك سبب نفاذ قولهم في قومهم وائتمار القوم بأمرهم؛ فأموالهم إذا أنفقوها لتأليف أتباعهم، وأولادهم أرهبوا بهم من يقاومهم، والمعنى: واتَّبعوا أهل الأموال والأولاد التي لم تزدهم تلك الأموال والأولاد إلا خساراً؛ لأنهم استعملوها في تأييد الكفر والفساد فزادتهم خساراً إذ لو لم تكن لهم أموال ولا أولاد لكانوا أقل ارتكاباً للفساد" (التحرير والتنوير: [29/192]). الأموال والأولاد اختبار وامتحان في الدنيا: "قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال من الآية:28]. هذا تنبيه على الحذر من الخيانة التي يحمل عليها المرءَ حبُّ المال؛ وهي خيانة الغلول وغيرها؛ فتقديم الأموال لأنها مظنة الحمل على الخيانة في هذا المقام. وعطف الأولاد على الأموال لاستيفاء أقوى دواعي الخيانة فإن غرض جمهور الناس في جمع الأموال أن يتركوها لأبنائهم من بعدهم. وجَعْلُ نفس (الأموال والأولاد) فتنة لكثرة حدوث فتنة المرء من جراء أحوالهما؛ مبالغة في التحذير من تلك الأحوال وما ينشأ عنها، فكأن وجود الأموال والأولاد نفس الفتنة. وعطف قوله: {وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} على قوله: {أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} للإشارة إلى أن ما عند الله من الأجر على كفِّ النفس عن المنهيات هو خير من المنافع الحاصلة عن اقتحام المناهي لأجل الأموال والأولاد" (التحرير والتنوير: [9/79]). والفتنة: هي البلاء والمحنة؛ لأنهم يوقعون في الإثم والعقوبة، ولا بلاء أعظم منهما. وقد شاهدنا مَنْ ذكر أنه يشغله الكسب والتجارة في أمواله حتى يصلي كثيراً من الصلوات الخمس فائتة. وقد شاهدنا من كان موصوفاً عند الناس بالديانة والورع، فحين لاح له منصب وتولاَّه، استناب من يلوذ به من أولاده وأقاربه، وإن كان بعض من استنابه صغير السن قليل العلم سيئ الطريقة. ونعوذ بالله من الفتن. وقُدِّمت الأموال على الأولاد لأنها أعظم فتنة (البحر المحيط: [8/209]). والفتنة ليست مذمومة في ذاتها؛ لأن معناها اختبار وامتحان، وقد يمر الإنسان بالفتنة وينجح؛ كأن يكون عنده الأموال والأولاد، وهم فتنة بالفعل فلا يغرُّه المال؛ بل إنه استعمله في الخير، والأولاد لم يصيبوه بالغرو؛ر بل علمهم حمل منهج الله، وجعلهم ينشؤون على النماذج السلوكية في الدين؛ لذلك فساعةَ يسمع الإنسان أي أمر فيه فتنة فلا يظن أنها أمر سيئ؛ بل عليه أن يتذكر أن الفتنة هي اختبار وابتلاء وامتحان، وعلى الإنسان أن ينجح مع هذه الفتنة؛ فالفتنة إنما تضر من يخفق ويضعُف عند مواجهتها. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم