أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية والثمانون بعد المائة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والثمانون بعد المئة في موضوع الشكور والتي هي بعنوان : * نعمة الماء والحفاظ عليها وشكرها في الإسلام العنصر الأول: أهمية الماء في حياة الإنسان إن الماء نعمةٌ من الله عظيمةٌ وهبةٌ من المولى جزيلة؛ به تدوم الحياة وتعيش الكائنات وتخضر الأرض وتنبت من كل زوج بهيج؛ وهو عنصر الحياة وسبب البقاء، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ}(الأنبياء: 30) ؛ وبه تعقد الآمال وتطيب النفوس وتهدأ الخواطر وتتفاءل الأرواح وتنشر الرحمة؛ قال تعالى:{ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} (الشورى: 28) وهو أغلى من المُلك وأثمن من الجواهر وهو نعمة الله الكبرى ومنتهِ العظمى؛ قال تعالى:{ أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ} (الواقعة: 68، 69)… ومما يؤكد أنه أغلى من الملك هذه القصة الرائعة: فقد روي أن ابن السماك دخل على هارون الرشيد الخليفة العباسي يوما؛ فاستسقى الخليفة فأُتى بكأس بها؛ فلما أخذها قال ابن السماك : على رسلك يا أمير المؤمنين! لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها؟! قال: بنصف ملكي. قال: اشرب هنأك الله تعالى يا أمير المؤمنين. فلما شربها قال: أسألك بالله لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشترى خروجها؟! قال: بجميع ملكي. قال ابن السماك : لا خير في ملك لا يساوي شربة ماء. فبكى هارون الرشيد … يا الله ملك يمتد من الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً لا يساوي شربة ماء .. عباد الله: إن الماء أصل المعاش وسبيل الرزق، يقول عمر رضي الله عنه: ” أينما كان الماء كان المال، وأينما كان المال كانت الفتنة.” الماء تنزل من السماء، وتخرج من الأرض، وتتشقق منها الجبال، وتتصدع منها الحجارة؛ طالما تلذذ بذكرها الأدباء، وتغنى بسلسبيل نظمها الشعراء؛ تصورها يرطب القلوب، وذكرها يهز النفوس، بل إنها -بإذن الله- حياة الروح والبدن. إن ذكر الماء في كتاب الله بمفرداته ومكوناته من البحار والأنهار والسحاب يدل على عظم أثره في حياة البشرية. هذا السائل المبارك هو أغلى ما تملك الإنسانية لاستمرار حياتها بإذن الله، أدرك ذلك الناس كلهم كبيرهم وصغيرهم عالمهم وجاهلهم، حاضرهم وباديهم، عرفوه في استعمالاتهم وتجاربهم وعلومهم، إن خف كان سحاباً، وإن ثقل كان غيثاً ثجاجاً، وإن سخن كان بخاراً، وإن برد كان ندى وثلجاً وبرداً؛ تجري به الجداول والأنهار، وتتفجر منه العيون والآبار، وتختزنه تجاويف الأرض والبحار: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ [الحجر:22] وقال تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ} [المؤمنون:18]. إن السعي في حصر خصائصه ووظائفه ومنافعه وفوائده تعجز الحاصرين، فلا شراب إلا بماء، ولا طعام إلا بالماء، ولا دواء إلا بالماء ولا نظافة إلا بالماء، ثم لا زراعة إلا بالماء، بل ولا صناعة إلا بالماء. لم تنقص قيمته لا بتقدم الإنسانية ولا بتخلفها، بل لقد زادت أهميته ثم زادت، حتى صاروا يتحدثون عن الأمن المائي والصراع على موارد المياه ومصادرها ومنابعها. الماء هو عماد اقتصاد الدول، ومصدر رخائها ، بتوافره تتقدم وتزدهر، وبنضوبه وغوره وشح موارده تحل الكوارث والنكبات: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك:30].. { وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} [المؤمنون:18] كما تبرز أهمية الماء في أنه يغطى 71% من مساحة الأرض، كما يرى البعض أنه من المتوقع أن تندلع الحروب في المستقبل القريب بسبب الصراع على الموارد المائية, نظراً لتقلص حجمها وكميتها، وانخفاض جودتها بسبب التلوث, ولذلك فإن الدول تشرع القوانين للحفاظ على الماء وصيانته من التلوث، لكن هذه القوانين غير كافية، ولا بد من وجود الوازع الديني للحفاظ على الماء، وقد سبقت الشريعة الإسلامية القوانين الوضعية في الإشارة إلى أهمية الحفاظ على الماء. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم