أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السابعة والسبعون بعد المائة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والسبعون بعد المئة في موضوع الشكور والتي هي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : كيف يكون شكر القلب يا عباد الله؟ وهذه الذنوب الواردة على القلب قد تكون ذنوب شهوات تعارض الأمر والنهي، وقد تكون ذنوب شبهات تعارض أخبار الوحي. فمن الناس من يعمر قلبه بالكفر أو النفاق أو الشك فيما يجب اليقين به، أو حب البدع والميل إليها. ومن الناس من يملؤه بأمراض أخرى مثل: الرياء والعُجب،والحسد والغِل،والكيد والمكر، والقسوة، وحب الفواحش. وهذه الأمراض الباطنة لها أثر كبير على أعمال الجوارح، فما في الجوارح من الاعوجاج إنما هو أثر تلك الأمراض القلبية. ولا سلامة لدين الإنسان وراحة دنياه إلا بالسلامة من تلك الأمراض المهلِكة. فعلى من يريد قبول عمله الصالح أن ينزع من قلبه العجب به، ومراءاة المخلوقين بعمله؛ فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتغى به وجهه، قال تعالى: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [الزمر: 2-3]. وعلى من أراد الراحة والسعادة، والسلامة من الظلم والحيف أن ينقي قلبه من الحقد والحسد لإخوانه المؤمنين، وأن يحاول الانتصار على نفسه بتطهيرها من هذا الدغل. وعلى من أراد التأثر بالقرآن والطريق إلى العمل به، وأراد الرحمة بمن يستحقون الرحمة أن ينزع القسوة من قلبه،ويحل محلها اللين لذكرالله وآياته، والعطف على إخوانه المسلمين، قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 22-23]. إن القلب إذا شكر الله تعالى؛ فحُلِّي بما يحب الله تعالى من الأعمال الإيجابية، وخُلِّي عما يكره الله تعالى من الأفعال السلبية فقد صار قلبًا حيًّا صحيحًا. "وحياة القلب وإضاءته مادة كل خير فيه، وموته وظلمته مادة كل شر فيه"[ إغاثة اللهفان، لابن القيم (1/ 23). ] فـإذا قوي نوره وإشراقه انكشفت له صور المعلومات وحقائقها على ما هي عليه، فاستبان حسنَ الحسن بنوره وآثره بحياته، وكذلك قبح القبيح"[ إغاثة اللهفان، لابن القيم (1/ 21).] وأصبحت حياة القلب هي الطريق إلى الوصول إلى الله تعالى، والتنعم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فمن كان أتم حياة في قلبه كان أتم حياة في دنياه وآخرته. وبتلك الحياة يصير القلب قلبًا شاكراً،متصفًا بأحسن الصفات،متجملاً بأجمل السمات. فالقلب الشاكر قلب صالح، وهذا القلب الصالح يعود صلاحه على الجوارح كلها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة؛ إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)[ متفق عليه.] قال ابن رجب رحمه الله: "فإنْ كان قلبُه سليماً، ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يُحبه الله، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه، صلحت حركاتُ الجوارح كلّها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرَّمات كلها،وتوقٍّ للشبهات؛حذراً مِنَ الوقوعِ في المحرَّمات، وإنْ كان القلبُ فاسداً قدِ استولى عليه اتِّباعُ هواه، وطلب ما يحبُّه، ولو كرهه الله، فسدت حركاتُ الجوارح كلها، وانبعثت إلى كلِّ المعاصي والمشتبهات بحسب اتِّباع هوى القلب؛ ولهذا يقال: القلبُ مَلِكُ الأعضاء، وبقيَّةُ الأعضاءِ جنودُه، وهم مع هذا جنودٌ طائعون له، منبعثون في طاعته، وتنفيذ أوامره، لا يخالفونه في شيءٍ من ذلك، فإنْ كان الملكُ صالحاً كانت هذه الجنود صالحةً، وإنْ كان فاسداً كانت جنودُه بهذه المثابَةِ فاسدةً، ولا ينفع عند الله إلاّ القلبُ السليم"[جامع العلوم والحكم، لابن رجب (8/1).] والقلب الشاكر متى امتلأ بعظمة الله "محا ذلك مِنَ القلب كلَّ ما سواه، ولم يبقَ للعبد شيءٌ من نفسه وهواه، ولا إرادة إلاَّ لما يريدهُ منه مولاه، فحينئذٍ لا ينطِقُ العبدُ إلاّ بذكره، ولا يتحرَّك إلا بأمره، فإنْ نطقَ، نطق بالله، وإنْ سمِعَ، سمع به، وإنْ نظرَ، نظر به"[ المرجع السابق (40/ 22).] والقلب الشاكر راغب في الآخرة، زاهد عن الدنيا، فكلما "صح من مرضه ترحل إلى الآخرة، وقرب منها حتى يصير من أهلها، وكلما مرض القلب واعتل آثر الدنيا واستوطنها حتى يصير من أهلها"[إغاثة اللهفان، لابن القيم (1/ 71).] [الأنترنت – موقع الألوكة - شكر القلب - عبدالله بن عبده نعمان العواضي] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم