أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السادسة والسبعون بعد المائة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والسبعون بعد المئة في موضوع الشكور والتي هي بعنوان : فكيف يكون شكر القلب يا عباد الله؟ إن شكر القلب على وجه العموم: يكون بالحفاظ على حياته وصحته الإيمانية؛ وبهذا يؤدي حق الله تعالى وحق خلقه، فتسرع الجوارح إلى الطاعات، وتبطئ عن السيئات، وتكون السعادة في العاجل والآجل، قال ابن القيم: "والمقصود: أن صلاح القلب وسعادته وفلاحه موقوف على هذين الأصلين [كمال حياته ونوره] قال تعالى: ﴿لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [يس: 70]، فأخبر أن الانتفاع بالقرآن والإنذار به إنما يحصل لمن هو حي القلب، كما قال في موضع آخر: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق: 37]. وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24]. فأخبر سبحانه وتعالى أن حياتنا إنما هي باستجابتنا لما يدعونا إليه الله والرسول من العلم والإيمان فعلم أن موت القلب وهلاكه بفقد ذلك"[ إغاثة اللهفان، لابن القيم (1/ 21).] ومن وسائل حصول حياة القلب وصحته: حب الحق وإيثاره على غيره، وقبول ما جاء به، فعلى المسلم أن يوطن قلبه على استقبال نور الحق والعمل به، وأن لا يقدم عليه الباطل مهما كان مغريًا. ومن تلك الوسائل أيضًا: الحرص على كثرة ذكر الله تعالى وتعظيمه والثناء عليه؛ فإن ذلك للقلب كالماء للسمك. قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]. ويقول سبحانه في الأمر بالذكر وذكر فائدته: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152]. ومن ذلك أيضًا: الإكثار من قراءة القرآن قراءةً متأنية متدبرة، تغرس في القلب معاني القرآن وآثاره، وليس قراءة تأتي على الآيات والسور ولا تتجاوز الأبصارَ إلى البصائر، ولا اللسانَ إلى شغاف الجَنان. قال تعالى: ﴿ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]. ومن وسائل حياة القلوب وصحتها: زرع توحيد الله ومحبته في القلب، وتعاهد ذلك بالمتابعة والتنمية، فليس هناك "صلاح للقلوب حتَّى تستقرَّ فيها معرفةُ اللهِ وعظمتُه ومحبَّتُه وخشيتُهُ ومهابتُه ورجاؤهُ والتوكلُ عليهِ، وتمتلئَ مِنْ ذَلِكَ، وهذا هوَ حقيقةُ التوحيد، وهو معنى لا إله إلا الله، فلا صلاحَ للقلوب حتَّى يكونَ إلهُها الذي تألَهُه وتعرفه وتحبُّه وتخشاه هوَ الله وحده لا شريكَ له[ جامع العلوم والحكم، لابن رجب (4/ 49).] ومن الوسائل أيضًا: الزهد عن الدنيا، والرغبة في الآخرة؛ فمن تعلق قلبه بالآخرة وما فيها، وأعرض عن الدنيا وزينتها صلح قلبه واستقام فأدى بذلك شكر الله تعالى. فهذا من شكر القلب. أيها الأحبة الفضلاء، إن من جحود النعمة أن يملأ العبد قلبه بمساخط الله، والذنوبُ هي تلك المساخط وهي أمراض القلوب، وليس أضر على القلب من مقارفة الذنب، ولا حياة له إلا بتركه: رَأَيتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ القُلُوبَ ***** وَقَد يُورِثُ الذُّلَّ إِدمَانُهَا وَتَركُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ القُلُوبِ ******* وَخَيرٌ لِنِفسِكَ عِصيَانُهَا [ إعلام الموقعين ، لابن القيم (1/ 10).] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم